كرّس تصنيف مجلة “تايمز” للتعليم العالي للجامعات العالمية (تايمز هاير إديوكيشن) أزمة البحث العلمي بالجامعات المغربية، بسبب عدم حصول أي جامعة وطنية على مرتبة متقدمة في المؤشر، وذلك على غرار المؤشرات السابقة.

وحلت جامعة ابن طفيل بالقنيطرة في فئة الجامعات في المرتبة من 1001 إلى 1200، وتلتها جامعة القاضي عياض بمراكش، ثم جامعة محمد بن عبد الله بفاس، فجامعة عبد المالك السعدي التي جاءت ضمن قائمة الجامعات في الرتبة ما بين 1201 و1500، وتبعتها جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وجامعة محمد الخامس بالرباط.

ويعتبر هذا التصنيف الدولي للجامعات من أفضل التصنيفات الدولية، إذ يرتكز على 13 مؤشرا تتوزع على خمس فئات مختلفة، هي: التعليم والبحث العلمي، نقل المعارف، تأثير البحث العلمي، الانفتاح على الخارج، والابتكار.

واعتبرت جامعة ابن طفيل ترتيبها في المؤشر مشرفاً، مؤكدة أنه “اعتراف دولي بالتزام مختلف مكونات الجامعة بتطوير البحث العلمي والابتكار وتحقيق التميز، وتتويجا للمجهودات المبذولة من طرف الطاقم الأكاديمي والإداري، وكذا الطلاب والباحثين”.

وتتجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى تطوير السياسة المنتهجة في القطاع، من خلال اعتماد شهادات التمكن من اللغات قبل مناقشة أطروحات الدكتوراه؛ وذلك في إطار المساعي إلى تجويد المضامين والرفع من مستوى خريجي الجامعات المغربية.

وعلقت الوزارة الوصية على المؤشر بقولها إنه “أدرج سبع جامعات مغربية ضمن أحسن 1500 جامعة تنتمي إلى 104 دول، وذلك من أصل 25000 جامعة عبر العالم، ما جعل المغرب يحتل المرتبة الرابعة من حيث عدد الجامعات المصنفة على الصعيدين الإفريقي والعربي”.

وثمنت الوزارة ما اعتبرته “تحسنا ملموسا” في تصنيف الجامعات المغربية، مؤكدة عزمها على مضاعفة الجهود، بمعية كل الجامعات، للارتقاء بهذا التصنيف إلى مستويات أعلى، في انسجام تام مع طموح النموذج التنموي الجديد الهادف إلى تكريس تموقع المغرب كقطب قاري في ميدان التعليـم العالـي والبحـث العلمي والابتكار.

وحول ذلك، قال محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، إن “هذا التصنيف الدولي يستند في أحكامه وتقييمه إلى واقع الجامعات المتبارية في مجالات البحث العلمي والابتكار والتعليم وجودة هيئة التدريس؛ وذلك من خلال تقييم المردودية على المستويين الداخلي والخارجي، عبر تقييمات الطلبة والشعب، واعتماد اللغة الإنجليزية في نتائج البحث والاستشهادات”.

وأضاف الدرويش، في تصريحه، أن “اللغة المنتشرة دوليا هي الإنجليزية والصينية من حيث العدد، والإسبانية تنشط أكثر في مجال حركات الترجمة والنشر في المجلات الدولية المحكمة، بالإضافة إلى معيار أعداد الطلبة والأساتذة وحجم الجامعات والمؤسسات البحثية”، وزاد: “أفضى تصنيف تايمز الصادر هذا الأسبوع إلى إحراز 7 جامعات مغربية مراتب متقدمة ضمن أحسن 1500 جامعة، وهي جامعة ابن طفيل والقاضي عياض وسيدي محمد بن عبدالله وعبد المالك السعدي والحسن الثاني ومحمد الخامس وأبي شعيب الدكالي، وهي مناسبة لنقدم تهانينا الخالصة والصادقة للأساتذة الباحثين والطلاب بها والقائمين على شؤونها”.

واستطرد المتحدث ذاته: “هذا لا يمنع من أننا نسجل خلال الأشهر الماضية بكل أسف غياب الجامعات المغربية عن 1000 أفضل جامعات من خلال تصنيف شنغهاي لأفضلها حول العالم لسنة 2022، والأمر نفسه ينطبق على نتائج التصنيفات الدولية الأخرى”، وأردف: “صحيح أن ترتيب تايمز هذا يجعلنا نسجل بإيجاب المجهودات الفردية والجماعية من خلال المختبرات والجمعيات العالمة التي يديرها أساتذة باحثون مختصون في مجالات اشتغالهم، ومهووسون بالبحث العلمي والابتكار، وساهرون على جودة التعليم والتأطير الجيد والمسؤول لطلابهم، ويؤثرون الحياة العلمية على حياتهم الشخصية”.

“أغلب هؤلاء نجدهم مسنودين من طرف بعض الرؤساء والعمداء والمدراء، وهذا لعمري ما يجعل بعض الجامعات تتقدم في الترتيب؛ وفي المقابل هناك البعض الآخر من المسؤولين، رؤساء وعمداء ومديرين، لا علاقة لهم لا بالجامعة ولا بالمؤسسات ولا بمجالات البحث العلمي والابتكار، فتجدهم تحولوا إلى بنائين ومهندسي الداخل والخارج، وعارفين بنوع التجهيزات والمأكولات وغير ذلك، ويهمشون البحث والتأطير، وهم بذلك يسيئون للمهنة وللجسم الجامعي وللجامعة والوطن”، يورد الخبير التربوي.

وتابع المصدر عينه: “تقدم جامعاتنا في التصنيفات الدولية ممكن جدا بفضل طاقات وإمكانات الأساتذة الباحثين والطلاب المغاربة الذين يشتغلون في ظروف أحيانا تكون قاسية، فالمساطر المالية معقدة، ومجموعة كبيرة من المختبرات غير مجهزة، والتعامل الإداري الضيق مع الأستاذ الباحث غير مجد وغير مشجع، وكذلك اعتماد المغرب لعقود من الزمن على اللغة الفرنسية في كل المستويات جعلنا اليوم من ضحاياها في زمن تعد اللغة الإنجليزية، لغة العلم، وبعدها الإسبانية، نظرا لتقدم حركة الترجمة وانتشارها في مجموعة من القارات، ثم اللغة الصينية، وعدم تحسن الوضعية المادية والمهنية للأساتذة الباحثين”.