لم يزل الحال على ماهو عليه، واقع مرير يتكبّدُه مواطنون عزّل، دون أن يكون قد تغيّر من حالهم شيء، اللهمّ إن كانت شمعة أملٍ أسطوريّة، ما تزال موقودة، وعلى جنباتها تراكمات السّنين قد تصلّبت، لتشهد على عقود من الزّمن، حُبلى بأمنيات الغد الأفضل .

هم سكان مخيّمات تندوف، لم تبرح أمانيهم أماكنها حتّى اللحظة، ظلّوا معلّقين بين الصّبر واللاصبر، تارة على أمل العودة، وحينا أخرى، على سنوات الهدر، حنى أساميهم تجدها رهينة بمكان انطباق نطقها ، هناك يدعون بـ’اللاجئين” ، بينما يتعارف اصطلاح لفظ “المحتجزيين” قريباً بوضعهم على أرض ثانية في رواية رسمية أخرى.

الغريب أن مسلسل الحيرة ذاك، لا يقتصر على وصف أو مصير، إنما هي أيضاً حيرة متحدث ممثل، بين خيارين اثنين أولهما مألوف (الجبهة) قادة الأزمة لسنين خلت، و آخر منشق أضحى يبحث لنفسه عن مكان كمتحدث رسمي.

الحديث هنا عن حركة المحجوب السالك (خط الشهيد)، التي ترى أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يعد “أكبر إدانة لقيادة البوليساريو التي تكذب على سكان مخيّمات تندوف عبر خطابها الإزدواجي”، مضيفة بأنّه “يستوجب من خلال التّقرير، الإعتذر لقاطني المخيّمات، فضلا عن تقديم استقالة جماعية من طرف القيادة الحالية للجبهة”.

المزيد من “خط الشهيد”، التي وصفت ممارسات القيادة الحالية للجبهة؛ على أنّها مسرحية لا أكثر، إذ تطالب بفتح حوار وطني، يفرز  قيادة شرعية، يتسنّى لها التفاوض باسم سكان المخيّمات.

يبحث التيار المعارض إذا، عن مقعد على مائدة الطاولة المستديرة، التي ستُعقد بـ “جنيف” يومي 5 و 6 دجنبر المقبل، باعتباره ممثلاً حقيقي للفئات الشعبية الصحراوية المتضرّرة من النّزاع، مناشداً السلطات الجزائرية؛ بفسح المجال للحوار الوطني، وفتح الباب أمام مراقبين دوليّين مستقلّين يزورون المخيّمات من أجل الوقوف على الأوضاع هناك.

في الجانب الآخر؛ تتهم “الجبهة” التي يرونها متهالكة، في أكثر من بيان سابق، كل من “شباب التغيير” الموصوف بـ “شباب الرحيبية”، و “خط الشهيد”،  بكونهما تنظيمات مغربية تعمل من مناطق نفوذها .

ويُثار هذا النّقاش، في الوقت الذي تتحدّث فيه مصادر إعلامية مغربية، عن عزم دبلوماسية الرّباط، تضمين الوفد المتجه صوب “جنيف” ديسمبر القادم، عددا من منتخبي الجهات الجنوبية، ليجلسوا في مواجهة، الجبهة- الجزائر، و موريتانيا من منطق شرعية أكسبتهم إياها الإنتخابات، التي سبق و أن وصفتها تقارير الخارجية الأمريكية بالنزيهة.

بين هذا و ذاك يبقى الإنسان الصحراوي على الجبهتين، ينتظر و يترقّب مخرجات مسلسل تسوية أممي، لقضيّة طال أمدها لعقود، تطلّعات تبقى الإجابات عنها مفقودة خفي انتطار جلوس الكل، على طاولة حوار واحد .