لا يبدوا أمر طنين منبهات حاويات المياه وهي تجوب شوارع العيون يوماً بالغريب، حتى وهي تقتحم الآذان بدون استئذان، قبل أن يسمح لخراطيمها بتجاوز كل الأبواب المغلقة. إن الغريب حقاً هو عدم كونها مصدر إزعاج يذكر..

أحجية لا يسهل فهمها، فكيف لمدينة تتوفر فعلاً على شبكة للمياه الصالحة للشرب، و دكاكين تتزاحم فيها مختلف أشكال و أنواع قنينات المياه المعدنية، أن تلح في طلب حاويات ماء جوالة تحمل في إسمها شيءً من طنين منبهاتها الصاخبة “ماء طنطان”!!.


المدينة التي ترجع تسميتها بالأصل حسب الروايات الرائجة، نسبة لبئرٍ كان يسمع بها طنين الماء، ترجمة للعلاقة الوطيدة التي تجمع سكانها بالماء ، شأنهم في ذلك شأن باقي سكان الصحراء المتشبثين بجودة مكونات تخضير الشاي، تلك التي يعد الماء أبرزها.

 300 كيلومتر سفراً من العيون لأجل قطرة ماء !

تقطع مياه الطنطان مسافة معتبرة قبل أن تلج العيون، الحاويات القادمة من جهة الشمال تقضي حوالي الأربع ساعات على الطريق الوطنية ذهاباً و مثلها إياباً، وجهتها آبار منطقة “تعسالت” القريبة من الطنطان.

المنطقة المعروفة بجودة و عذوبة خزان فرشتها المائية، الشيء الذي جعلها نقطة جذب لإحدى مقاولات تعبئة المياه التي تستقر بالنفوذ الترابي لجماعة “بن خليل” ، كما هو الحال مع مختلف الحاويات الصهريجية التي تحل هناك لتعبئة خزاناتها قبل العودة جنوباً.

في الصنبور ماء و بالحاوية ماءٌ آخر !

لا تقف المشكل على حدود مدينة  العيون فقط، فحتى الطنطان التي يعتقد أن المياه مصدرها، لا ينالها من الاسم إلا الشهرة! ففي الصنبور ماء و بالحاويات الجوالة ماء آخر.

منذ أن توقفت مدينة كليميم عن تغذية شبكة الماء الصالح للشرب بالماء، لأسباب ندرة المياه ذاتها. أصبحت جودة مياه الشرب في تضاؤل مما يجعلها غير صالحة للاستعمالات المتعلقة بإعداد الشاي أو الشرب مباشرة.

الآبار فلاحية و الأغراض تجارية

يروي عدد من المتتبعين بالطنطان قصصاً متعددة حول استغلال آبار معدة للسقي الفلاحي لأغراض تجارية، فضلاً عن جفاف آبار أخرى نتيجة للاستغلال المفرط في غياب الرقابة و المتابعة.

نادرة هي الحاويات التي تُرى على الطريق ، ما معنى ذلك ؟

يستغرب مستخدمو الطريق الوطنية الأولى، خاصة أولائك الذين يرتادونها بشكل شبه يومي، من قلة المرات التي يشاهدون فيها الحاويات الصهريجية عائدة من الوجهة المقابلة نحو العيون، و التي بالمقارنة مع عددها بالمدينة يفترض أن تكون من أهم الحاضرين على الطريق.

وضع يفتح حسب ما استقي محلياً الباب أمام التأويلات، التي تعتقد أن استغلال إسم الطنطان بات غرضاً تجارياً لا أكثر. فنقاط لا تبعد عن المدينة كثيراً، باتت هي الأخرى مصدر تعبئة أقل تكلفة يضمن نفس هامش الربح دون عناء.

مياه للبيع، نعم. هل من معايير مراقبة صحية لا!

لا تقدم حاويات المياه “مياه طنطان” مجاناً طبعاً، فبعد أن تستخرج المادة الحيوية من أرحاب مدينة الطنطان، تسعر بأثمان موحدة بين البائعين الجوالة. ففي الطنطان تصل سومة تعبئة برميل 50 لتر لما يقارب الخمس دراهم، بينما توزع في أحياء العيون بستة أضعاف هذه القيمة.

لكن هل بالمقابل هناك ضمانات مقدمة بخصوص جودة المياه، و احترام أرباب الحاويات للمعاير الصحية كالتعقيم و تجنب ركود المياه؟ للأسف لا توجد هنالك إجابة شافية. لتبقى أسئلة   ATمواجهة بأعذار “لست إلا مجرد عامل بسيط” “يمكنك استفسار المالك (مول الشي).