تكلّف الملك، “محمد السادس” وبشكلٍ خاص، بالخطوة العالية المستوى، التي أبان عنها القصر الملكي بـ”الرباط”، حين باشر باستقبال الرّئيس الغابوني، “علي بونغو أونديمبا”، الذي وصل إلى “المملكة المغربية” أوّل أمسٍ الأربعاء، قصد إعادة التّأهيل الطبّي، وقضاء فترة نقاهةٍ بإحدى المُؤسّسات الإستشفائية بـ”الرّباط”، بعدما كان في العاصمة السّعودية “الرياض”.

هذا القرار، يأتي تبعاً لرغبة الرئيس “بونغو” في اتفاق مع المؤسسات الدّستورية لجمهورية الغابون، فضلاً عن رأي الأطباء المعالجين له، خصوصاً وأنّها ليست المرّة الأولى، التي يحلُّ فيها رئيسُ إحدى الدول الإفريقية بأحد المراكز الاستشفائية بـ”المغرب”؛ فقد سبقَ للملك، “محمد السادس”، أنْ استقبلَ العديد من الزّعماء الأفارقة الذين تجمعهم علاقات قوية مع “الرباط” من أجل العلاج، والذين ينعمون بالرّاحة الكاملة كُلّما زاروا “المغرب”، علاوةً على العناية التي يلتقونها فيه.

وبعد إصابته بسكتة دماغية، تم نقل “علي بونغو أونديمبا”، رئيس “الغابون”، إلى مستشفى في “الرباط”.

من جهته، أكّد المتحدث باسم حكومة بلاده، “جي برتراند مابانغو”، أنّ “الرئيس يتمتعُ بصحة عالية وهو في كامل عافيته”، في حين تطالب المعارضة بتوضيحات أكثر حول صحة الرئيس.

وقبلَ وصوله إلى “الرباط”، أعلنت السيدة الأولى في الغابون، “سيلفيا بونغو”، في بيان لها، أنّه تقرّر نقل زوجها إلى لندن للعلاج، وقالت في حسابها على “فيسبوك”: “زوجي ينوي الاستفادة من هذه الفترة القصيرة للتّعافي ولاستعادة قدراته البدنية الكاملة والعمل على الملفّات الأولوية لبلدنا الغابون”.

وتبعاً لما نشرهُ منبر “جون أفريك”، “تلقت بونغو مكالمة من ملك المغرب في 22 من نونبر الماضي، حتى يأتي صديق طفولته إلى الرباط للتعافي”.

خطوة استقبال الرئيس الغابوني، اعتبرها المحلل الفرنسي “باسكال إرلوت”، بأنّهُ  تحرُّكٌ “على أعلى مستوى، فالرئيس بونغو ينتمي إلى جيل العاهل المغربي، والزعيمان عرفا بعضهما البعض منذ سن مبكرة من خلال أبويهما اللذين كانا قريبين للغاية”، مشيراً إلى أن “مكان النقاهة يبقى سرًا”.

ورجح أن يكون قد “تمَّت استضافة علي بونغو في العيادة الملكية داخل القصر الملكي بالرباط المخصصة فقط للأسرة الحاكمة في المغرب، أو في المستشفى العسكري بالرباط”.

وأورد المحلّل والصحافي الفرنسي، “باسكال”، في مقال له تحت عنوان “علي بونغو في المغرب: الديبلوماسية الطبية لمحمد السادس”، نشرته مجلة “opinion” الفرنسية؛ أنَّ “المستشفى العسكري بالرباط معروف بتجهيزاته وبنيته التحتية القوية”، مشيراً إلى وجود “جناح ملكي داخل المشفى العسكري حيث يمكن استيعاب العائلة والأقارب خلال فترة النقاهة”.

ويقول أحد الدبلوماسيين السابقين؛ إنّ “المستشفى العسكري يتوفر على أفضل الأطباء المتخصصين الذين تلقوا تداريب وتكوينات في المغرب وفرنسا والولايات المتحدة”، بالإضافة إلى ذلك، “يوفر المستشفى جميع الضمانات من حيث الأمن وحرية التصرف”.

وتسعى السلطات الغابونية إلى تجنب نشر صور للرئيس وهو في فترة نقاهة حتى لا يستخدمها معارضوه السياسيون، وأكدت أن “صحة قائد البلاد تتحسن يوماً على يوم”، ولكن إذا تدهورت حالته، فإن العاصمة المغربية تمتلك أيضًا مركزًا متميزًا في جراحة الأعصاب، وهو مستشفى “الشيخ زايد”.

وصرّح ذات الصحافي الفرنسي بأن الملك، “محمد السادس”، “يُعاملُ رؤساء الدول الافريقية معاملة خاصة، حيثُ يتم التكفل بكل المصاريف والنفقات الطبية، بينما الوزراء ورؤساء الحكومات يستخلصون المصاريف من مواردهم الخاصة”.

وتجدر الإشارة، أنّهُ سبق لعدد من الزُّعماء الأفارقة أن تلقُّوا العلاج في “المغرب”، كما هو الشَّأن للرئيس الأسبق للكونغو الديمقراطية، المارشال “مبوتو سيسيسوكو”، فبعد سقوطه سنة 1997، التجأ إلى “الطوغو”، ثم بعد ذلك بستة أيام توجّه إلى “الرباط” للعلاج من مرض سرطان البروستات، “وقد تمَّ استقباله لأسباب إنسانية”، كما أكّد ذلك القصر في وقتٍ سابق.

حريُّ بالذكر، أنّهُ وخلالَ سنة 2015 استقبل المستشفى العسكري الرئيس السابق لـ”بوركينا فاسو”، “بليز كومباوري”، بعدما أصيبَ برضوض على مستوى رقبته، قبل أن يستكمل فترة النقاهة في أحد الفنادق الفاخرة في “الرباط”، علاوةً على أنّ “لانسانا كونتي”، رئيس جمهورية “غينيا” الأسبق، سبق له هو الآخر، وأنّ حطّ الرّحال سنة 2002 بالمستشفى العسكري بـ”الرباط”، حيثُ كان يعاني من مرض السكري، بالإضافة إلى الرئيس “النيجيري”؛ “مامادو تانجا”، الذي تلقّى العلاج أيضاً، بـ”الرباط”، والرئيس الإيفواري، “لورينت كباغوا”، الذي انتقل على وجه السّرعة إلى عاصمة المملكة لعلاج أسنانه.