قال الباحث والمحلل السياسي عبد الفتاح نعوم إن الإنجاز الذي حققه المنتخب الوطني المغربي ببلوغه دور نصف النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم “ترجم كل ما اختزنه صدر المغرب والمغاربة طيلة عقود، من الكفاح وإرادة النجاح والإنجاز”.

وكتب عبد الفتاح نعوم في مقال بعنوان: “الأسود ونبوءة “ذ كر ك ل لسان” .. كيف أصبحنا أسياد المربع الأول”، أن “منجزات عقود وثقافة قرون أصبحت موضوع دهشة وإعجاب لكل الدنيا بفضل إنجاز كروي عالمي”، معتبرا أن “فرصة للتسويق كهذه، يستحيل أن تتحقق ولو صرفت عليها ملايير الملايير، وهي في الآن نفسه فرصة لمضاعفة تلك المنجزات، فبيئتنا الاستثمارية وثقافتنا وحضارتنا وإمكانياتنا وعنصرنا البشري ومعطياتنا الطبيعية أصبحت في متناول الجميع وذ كر ك ل لسان حقا”.

وأضاف أن من يبحث عن المغرب لأول مرة في محركات البحث “يكتشف أننا بلاد تصنع فيها السيارات وأجزاء الطائرات وأشباه الموصلات، وفيها أكبر حقول انتاج الطاقة الشمسية والريحية في القارة السمراء، وفيها أهم مصنع لجميع أنواع اللقاحات، فضلا عن أهم المطارات والموانئ والطرق السيارة والقطار الفائق السرعة، وقد دشنت لتوها ورشا للرعاية الاجتماعية سيكون ذروة سنام كل تلك المنجزات”.

وأبرز عبد الفتاح نعوم أن المتأمل في ما يجري عبر منصة كأس العالم في قطر، “لاشك أن ينتهي إلى أننا أحدثنا صدمة فعلا للشرق والغرب، صدمة لا تقل عن ‘صدمة الحداثة’ الأوروبية التي عاشها عالمنا العربي والإسلامي إبان أولى احتكاكاته مع الاستعمار الأوروبي، حيث الدهشة من هؤلاء والتساءول لماذا تقدموا وتأخرنا؟، وهو السؤال الذي بقينا فيه حتى كدنا نكون موقنين أن التأخر قدر م نزل، بل إن الكثيرين حتى من العرب، كان يصعب إقناعهم بالأمس بأن المغرب أصبح تايوان إفريقيا والعرب، وأنه بعد سنوات قليلة سيصبح سويسراهم، لفرط اقتناعهم أنه يستحيل على العرب والمسلمين أن يمضوا في ذلك المنحى”.

وإزاء كل هذا جاء النصر المغربي البي ن في مونديال قطر لكي يميط اللثام دفعة واحدة عن كل تلك الشكوك، ويقوم في آن واحد برأب صدوع الشعور الجمعي العربي والإسلامي، وبتعريف الدنيا بمن هم المغاربة ومن هو المغرب، الدولة الأمة الضاربة في عمق التاريخ، ولي منى بخسارة فادحة ليس فقط كل من ينازل الأسود في قطر، وإنما كل من خسر المليارات على الدعاية المسمومة للإساءة إلى المغاربة”.

اكتشف العالم بأسره، بعد هذا الإنجاز التاريخي، “من هم هؤلاء المتمسكون بوطنهم والعاشقون له والمتضامنون لأجله، أينما كانوا، وبأي لسان تحدثوا، وهم أنفسهم المتمسكون بأخلاقهم الراقية العالية”.

وشدد الباحث على أن ذكر صاحب الجلالة الملك محمد السادس للجالية المغربية، وتكريمه لها، إنما كان ناجما عن رؤية ثاقبة وتقدير دقيق لما نعيشه اليوم، حيث إن أغلب أبطالنا هم من أبناء تلك الجالية، وهم الذين برغم كل آليات التنشئة الاجتماعية التي تعرضوا لها في بيئات المهجر، إلا أنهم بقوا مغاربة بكل ما فيهم من سجية وتلقائية وروح وطنية، ولم ينسلخوا من التقاليد المغربية المتوارثة والمقدسة لدينا والتي تجسدها تعابير ‘رضاة الوالدين’ و’النية’ وما إلى ذلك…”.

وخلص إلى أن المنتخب الوطني يوجد اليوم ضمن المربع الأول “الذي يصنع المزاج العالمي، وحوله تحوم كبريات مؤسسات الإعلام والإشهار والاستثمار، ونجومه هم من يقودون trending الاقتصادي والمعنوي الكوني، والعوم متواصل على أن نكون في المقدمة، وسنكون بقدرة الله تعالى ومشيئته، وجهدنا المتواصل، وسيرنا وراء قائدنا الملهم حفظه الله، وبكل قيمنا وإرث أجدادنا وببركة تراب أرضنا الذي نعشقه جميعا”.