تتردد هذه الأيام على الألسن وفيما تخطه الأقلام مقولة “ماكان قبل كورونا لن يكون بعدها” فبعد خروج العالم من الصدمة اليوم بدأ الكلام عن ما بعد كورونا في مختلف الميادين سواء العلمية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الاستراتيجية أو الاقتصادية وحتى الرياضية.

العالم سيتغير حتما بعد حين وستحدد أولويات جديدة لم تكن ذات أهمية كبيرة وستختفي أولويات كانت لعقود في الواجهة.

من كان يظن أن العالم سيحبس أنفاسه وتتوقف الحياة فيه ويسجن الناس في بيوتهم دون حركة لمدة طويلة ولم يعد للصواريخ والقنابل والطائرات وحاملاتها وغزو الفضاء أهمية راهنية بقدر ما أصبح للطب ورجاله ومختبراته وجامعات البحث العلمي  أهمية واولوية قصوى في هذه الفترة والجميع يحبس أنفاسه ينتظر النتائج لعلها تأتي بعلاج يشفي البشرية من هذا الوباء.

اكيد انها تجربة يمر منها العالم لأول مرة في تاريخه والمنتصر فيها كما قال جون آلن مدير معهد بروكسينغز سيتسنى له كتابة التاريخ.

في ظل هذا الوضع هل ستبقى بعض القضايا غير ذات الأولوية في الأجندة الدولية سابقا في جدول أعمالها كقضية الصحراء مثلا.

ويمكن هنا رصد مؤشرين اثنين : الأول يمكن قراءته في الإحاطة الاخيرة الذي قام بها الأمين للأمم المتحدة في مجلس الامن يوم 9 أبريل الماضي والتي جاءت تنفيذا للقرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2494في 30 أكتوبر الماضى والتي يمكن وصفها بالاحاطة العادية والتي لم تحمل جديدا وهذا طبيعي ومنسجم مع الظروف الاستثنائية الذي يعيشها العالم في ظل جائحة كورونا و ستبقى في  اعتقادي لفترة طويلة حتى ولو تعافى العالم.  ولولا البيانات والبيانات المضادة  التي صدرت عقب الإحالة من طرف مختلف الأطراف لما علمنا بها.

وهنا لابد من الإشادة بالبيان المقنع لسفارة المغرب بجنوب إفريقيا والذي ردت فيه على بيان وزارة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب أفريقية والذي شكل تحولا مهما في الحجج والأدلة القانونية والتاريخية والسياسية في الترافع الدبلوماسي الرسمي.

اما المؤشر الثاني فهو فيما ترصده الصحافة الدولية من نتائج دراسات صادرة عن مختلف مراكز الدراسات الاستراتيجية حول مابعد كورونا، فالمتتبع يلاحظ إجماعا أن جائحة كورونا تساوي أو تتجاوز الأحداث العالمية الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ وإن المجتمع الدولي ستتغير أولوياته وستحذف قضايا عديدة من اجندته، في حين أن الدول المتضررة ستحاول النهوض من جديد وستحظى ملفات بأولوية قصوى كالصحة والتعليم  عن بعد والبحث العلمي والتكنولوجيا وستزداد أهمية دور الدولةفي تدبير هذه الملفات وفي الاقتصاد كذلك.

ويمكن أن تستيقظ في الفترة المقبلة تكتلات إقليمية كانت في سبات عميق كاتحاد المغرب العربي عندما تنهي كورونا أهم مسببات عرقلتها.

ولعل مبادرة جلالة الملك محمد السادس الأخيرة اتجاه أفريقيا لإطلاق مبادرة لرؤساء الدول الإفريقية تروم إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة”.

رؤية استباقية استشرافية لما يمكن أن يكون عليه الوضع بعد كورونا واستفادة من التجربة الأوروبية التي أظهرت ضعفها التضامني و وقلة تماسكها الاجتماعي في مواجهة هذه الجائحة.