هدوء تام في المنطقة العازلة بين الحدود الموريتانية – المغربية، منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة، بعد أن انسحب ناشطو جبهة البوليساريو من المنطقة المنزوعة السلاح، فيما دعت موريتانيا إلى «ضبط النفس».

على الحدود الموريتانية، أفادت مصادر أن الجيش المغربي سيطر بشكل تام على المعبر، وقام بتمشيط واسع لتأمينه، كما بدأ في تشييد حاجز رملي لتأمين المعبر.

وأضافت ذات المصادر أن دخول الجيش المغربي إلى المنطقة العازلة استمر لأقل من ساعة قبل السيطرة التامة عليها، ولم يحدث أي احتكاك مع المدنيين الذين تم ترحيلهم من المعبر تحت مراقبة من بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”.

وأضاف المصدر أن الوضع في معبر الكركارات هادئ، فيما توقعت مصادر عديدة في المنطقة أن تبدأ الحركة التجارية والمدنية في أسرع وقت ممكن.

وقالت مصادر مطلعة إن الجيش المغربي يعمل منذ دخوله إلى المنطقة العازلة على سد الثغرات في الجدار العازل.

وتمتد المنطقة العازلة بين البوابتين الموريتانية والمغربية لقرابة 7 كيلومترات، كان ناشطون في البوليساريو قد اقاموا فيها مخيماً وأوقفوا الحركة التجارية والمدنية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.

وتعليقاً على الأحداث الأخيرة، قال رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية الدكتور ديدي ولد السالك،  في تصريح له إن التحرك المغربي “مسألة طبيعية جداً وكان ضروريا”.

وأضاف إنه «في النهاية ستكون البوليساريو هي الخاسرة، لأن المسألة محسومة لصالح المغرب، مهما كانت التداعيات التي ستؤول إليها الأحداث».

من جانبه قال الصحفي الموريتاني عبد الله ولد سيديا المقيم في لندن، في حديث له “إن تحرك الجيش المغربي خطوة متوقعة”، مشيراً إلى أن “المصالح المباشرة للمملكة المغربية تعرضت للتهديد بعد إغلاق معبر الكركارات”.

ووصف ولد سيديا إغلاق البوليساريو للمعبر الحدودي بأنه كان “مغامرة” تهدف إلى ما سماه “خلق بؤرة توتر”.

وأضاف ولد سيديا “أن على العقلاء في الأطراف الجلوس إلى طاولة الحوار، لأن الحل الأممي ما يزال ممكنا، والأمم المتحدة لديها بعثة المينورسو على الأرض، وبإمكانها تأمين حركة البضائع بين المناطق الموريتانية والمغربية، ومع ذلك حفظ حقوق الصحراويين”.

في غضون ذلك أعلنت موريتانيا أنها تتابع منذ أسابيع بقلق بالغ مظاهر التوتر المتزايد، عند المعبر الحدودي، وأشارت إلى أنها أجرت العديد من الاتصالاتفي مسعى حثيث لنزع فتيل الأزمة.

ودعت موريتانيا جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس وتغليب منطق الحكمة، وشددت على ضرورة “السعي إلى الحفاظ على وقف اطلاق النار وإلى حل توافقي عاجل للأزمة وفقا لآليات الأمم المتحدة”.

وفي السياق نفسه، أفاد مصدر أن الجيش الموريتاني يسير دوريات على طول الحدود، لا تصل هذه الدوريات إلى نقطة العبور ولكنها تقترب منها، فيما تأكد المصادر أن الجيش أعاد انتشاره في المنطقة منذ عدة أيام، يتحرك وفق ما تمليه عليه حساسية الظرف.

المعلومات شحيحة حول ما يجري داخل المنطقة العازلة، والأمن الموريتاني يمنع دخولها، فالبوابة الموريتانية مغلقة حتى إشعار آخر، ربما حتى تنتهي عملية تأمين المعبر من طرف المغاربة.

ولكن بعض المعلومات تشير إلى أن الهندسة العسكرية المغربية بدأت تشييد حاجز رملي لتأمين المعبر من هجمات البوليساريو.

لا يبدو أن تأمين المعبر الحدودي سينتهي بسرعة، فالأحاديث المتداولة في الجانب الموريتاني تُجمع على أن حركة التنقل ما بين المغرب وموريتانيا لن تعود إلى طبيعتها خلال الأيام القليلة المقبلة.

من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه لعدم نجاح الجهود الدبلوماسية خلال الأيام الأخيرة، وقال إن الأمم المتحدة ستبذل كل الجهود من أجل استئناف العملية السياسية في ملف الصحراء.

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة، مساء اليوم الجمعة، على أنه “مصمم على بذل كل الجهود الممكنة لتفادي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار القائم منذ 06 سبتمبر 1991”.