شكل انضمام دولة “بوليفيا” مؤخراً لقائمة  البلدان التي جمدت اعترافها بـ جمهورية “البوليساريو” ، إشارة واضحة لتغلغل الدبلوماسية المغربية في أمريكا اللاتينية ، هناك حيث نجح المغرب في قلب أوراق العديد الوجوه التي صنعت قوة الجبهة، فيما لا تزالت البوليساريو تحتفظ بوجود قوي في القارة الإفريقية.

 

من ثمانين دولة أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات إعترفت بالبوليساريو، التي تمكنت حينها من حجز مكان في منظمة الوحدة الأفريقية، بعد ترك المغرب -البلد المؤسس- الكرسي فارغاً، مستفيدة من الدبلوماسية الجزائرية النشطة بالقارة السمراء مع الأنظمة الناشئة، إبان ظروف الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي، و الغربي تحت قيادة الولايات المتحدة.

 

معادلة التي ستنقلب لصالح المغرب الذي نجح في خلق دائرة لإعادة النظر بعدد من العواصم الإفريقية، تلك التي بدأت في إعادة تقييم علاقاتها مع البوليساريو، آخرها “بوليفيا” ، التي أعلنت فيها الاثنين حكومة الرئيسة المؤقته “جانين أنيز” تجميد اعترافها ، بعد أزيد من ثلاثة عقود من العلاقات الرسمية بدات في ديسمبر من العام 1982.

 

ورغم أن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لا تزال تحفل ببلدان أخرى تعترف بوجود جمهورية “تيندوف” و تحافظ على علاقاتها الدبلوماسية مع البوليساريو، كما هو الحال مع “المكسيك”، “بليز”، “أوروغواي”، “فنزويلا”، “كوبا” “نيكاراغوا”، “غيانا”، و “ترينيداد وتوباغو”، من الممكن  أن تشكل أهداف مستقبلية للدبلوماسية المغربية، التي تشتغل بجدية على محاور “الإكوادور” و “بنما”، بحضور رسمي و تشبيك مباشر للعلاقات الثنائية، مع دول تتذبذب بين القطع و الوصل.

 

أما على المستوى الإفريقي، فلا تزال “الجبهة” و مؤيدوها يحافظون على مراكز الإعتراف الرئيسية في القارة السمراء، ولو خارج محور “الجزائر” و “جنوب أفريقيا”، كما هو الحال بالنسبة للجارة “موريتانيا”، “مالي” “أنجولا”، “بوتسوانا”، “إثيوبيا”، و “كينيا”، التي لا تزال تعترف بالبوليساريو على شاكلة الدولة.

 

فيما تبقى دول أخرى كـ”ناميبيا”، “نيجيريا”، “رواندا”، “تنزانيا” ، “أوغندا”، “زيمبابوي”، “موريشيوس”، “ملاوي”، و “زامبيا” في موقف تذبذب، بين تجميد و استمرار الاعتراف خلال السنوات الأخيرة، التي انتقلت فيها الدبلوماسية المغربية لتقوية المسارات المتعددة في علاقاتها الثنائية، بما فيها المسار الإقتصادي.

 

وسط هذه التجاذبات و المتغيرات في المواقف، يبقى الثابت أن تحديد أهداف دبلوماسية واضحة يمكن الإشتغال عليها، يقود إلى تحقيق مكاسب على الأرض، كلما توفرت الإرادة السياسية و التواصل المباشر بين الشعوب و الأنظمة الحاكمة، التي تبقى في الغالب متغيرة في دول يحكمها من يفيق باكراً.