يحظى مخطط الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب سنة 2007 لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء، بدعم متزايد وصريح داخل منظمة الأمم المتحدة، وهو ما يعكس البعد الاستشرافي للدبلوماسية المغربية التي تستمد قوتها الضاربة من الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

فسواء تعلق الأمر بآخر قرار لمجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، أو أثناء مناقشات اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ولجنة الـ 24، دائما ما يتم الاعتراف بوجاهة مخطط الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد للتوصل إلى تسوية م رضية للنزاع المفتعل حول الصحراء.

وهكذا، كرست الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة، في قرارها 2602 الصادر في أكتوبر الماضي، وجاهة وجدية ومصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، والتي تشكل الحل الوحيد لهذا النزاع الإقليمي، في إطار السيادة والوحدة الترابية للمملكة.

هذا التكريس الواضح والصريح تم التأكيد عليه من قبل العديد من الدول والتجمعات الإقليمية والمتدخلين الذين اعتلوا منصة اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم المسار السياسي وإبراز جهود المغرب الحثيثة التي يكرسها مخطط الحكم الذاتي.

وتناول الكلمة سفراء وممثلو الوفود والتجمعات الإقليمية للتعبير عن قناعتهم بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وإبراز وجاهة مخطط الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

نفس الدعم الثابت تجسد خلال المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة لمنطقة بحر الكاريبي، الذي انعقد في الفترة من 11 إلى 13 ماي الماضي في كاستريس بسانت لوسيا، وإبان الدورة السنوية لهذا المؤتمر، والتي عقدت في يونيو المنصرم.

فخلال هذين المؤتمرين، حظي مخطط الحكم الذاتي بتأييد واسع وقوي من قبل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والمتدخلين والتجمعات الإقليمية، مما يثبت، مرة أخرى، الطابع الجاد وذي المصداقية والعملي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي.

ومن المعالم البارزة الأخرى خلال هاتين التظاهرتين، الحضور الفعال للممثلين المنتخبين عن الصحراء المغربية، ما يكرس بدون أدنى شك وبشكل لا رجعة فيه، الاعتراف الأممي والدولي بوضعهما كممثلين شرعيين لساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة. كما أن هذه المشاركة الفعالة تقوض، مرة أخرى، التمثيلية المزعومة والوهمية لجماعة “البوليساريو” الانفصالية المرتبطة بالإرهاب.

وهكذا، فإن قرار مجلس الأمن رقم 2602، الذي يأتي في سياق القرارات الأربعة الأخيرة للهيئة التنفيذية للأمم المتحدة، عزز أهمية مسلسل الموائد المستديرة بآلياتها والمشاركين الأربعة فيها، وهم المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة “البوليساريو”.

وحول هذه النقطة، التي لم ترق للجزائر، طلبت الدول الـ15 من السيد ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام في الصحراء ، استئناف تيسير العملية السياسية للموائد المستديرة، مجددة التأكيد، مرة أخرى، على أن الهدف النهائي لهذه العملية هو التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم ومقبول من الأطراف على أساس التوافق.

وانطلاقا من إرادة راسخة وقناعة لا تتزعزع، يواصل المغرب مسيرة البناء لفائدة رفاه ساكنة الأقاليم الجنوبية، وذلك بفضل تنزيل النموذج التنموي الجديد في هذه الأقاليم الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015.

وفي إطار هذا النموذج الرائد الذي يشمل جميع مكونات الساكنة المحلية، تم تخصيص استثمارات بقيمة 8 مليارات دولار في مشاريع اجتماعية واقتصادية وهيكلية على مستوى المنطقة، مثل ميناء الداخلة الأطلسي، وهو أكبر منشأة مينائية بالمياه العميقة في إفريقيا، وكلية الطب والصيدلة بالعيون، وهي واحدة من أكبر الجامعات في المملكة.

ويأتي هذا الدعم الثابت للقضية الوطنية الأولى في سياق يتسم بالنجاحات الدبلوماسية الكبيرة التي حققتها المملكة، فضلا عن الدعم المتنامي لمغربية الصحراء، ولمشروعية حقوق المملكة على أقاليمها الجنوبية، ولمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد لهذا النزاع الإقليمي الذي افتعلته الجزائر وتصر على إطالة أمده منذ أزيد من 45 سنة.

ويتعلق الأمر، على الخصوص، باعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب الكاملة والتامة على أقاليمه الجنوبية والدعم القوي والصريح من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والتي يدعم جزء كبير منها مخطط الحكم الذاتي، وذلك على غرار إسبانيا وألمانيا والفلبين والأراضي المنخفضة ورومانيا وهنغاريا.