ما زال ملف الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا لم يجد طريقه نحو حل شامل. وعكس سلسلة وقفات، فاق عددها الـ10، أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، شهد ملف إدماج هؤلاء الطلبة، على اختلاف تخصصاتهم، تحولا نوعيا مع نقلهم للاحتجاج ومطالبهم إلى أمام مقر المؤسسة التشريعية.

وصدحت حناجر عشرات الحاضرين، من طلبة مغاربة فروا من جحيم الحرب في أوكرانيا وآبائهم وأمهاتهم، في الساحة المقابلة لمقر البرلمان وسط العاصمة الرباط، زوال اليوم الخميس ثامن شتنبر الجاري، بمطالب يعتبرون أن “النقاش وإيجاد حلول بشأنها ظل يراوح مكانه لأكثر من 6 أشهر، في ظل مناورة وزارة التعليم العالي ودعوتها المتأخرة إلى حوار عشية الدخول الجامعي الجديد”، وفق إفادة أدلى به محمد خوشاشني، عضو مكتب الجمعية الوطنية لطلبة المغرب بأوكرانيا ووالد أحد الطلبة، معتبرا، في تصريح لأخبار تايم، أن ذلك “يجعلنا نقف احتجاجا لإثارة الانتباه أكثر إلى هذه القضية الوطنية”.

وفي بلاغ مشترك، صدر على هامش وقفتهم، باسم “تنسيقية الطلبة المغاربة بأوكرانيا” و”خلية إدماج الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا”، ساءلوا وزير التعليم العالي ميراوي، “تبعا لتصريحات عديدة بإدماج طلبة أوكرانيا في الكليات العمومية في مناسبات عديدة وعبر منابر إعلامية عديدة، عن سبب تم التراجع عنها”، مستغربين كيف أنه “أصبح من المستحيل إدماج طلبة أوكرانيا بالجامعات العمومية”.

البلاغ ذاته حمَل رفضا قاطعا من طلبة أوكرانيا وأوليائهم لـ”حل الإدماج في الكليات الخاصة”، معربين عن “استيائهم الكبير لما تم التصريح به مؤخرا بخصوص الحلول المقترحة غير المعقولة والظالمة”، على حد وصفهم؛ كما أشار بعض الطلبة الذين تحدثوا إلى اخبار تايم إلى أن العدد الذي يطالب بالإدماج في كليات الطب والصيدلة المغربية لا يتجاوز 900 طالب على أقصى تقدير.

وأضاف الطلبة المعنيون أن “الحل المقترح وزاريا يكرس مبدأ النخبوية حيث تكاليف الرسوم ومتابعة الدراسة بهذه الكليات جد باهظة مقارنة مع تلك التي كانت الأسر -التي ينحدر أغلبها من فئات متواضعة ومتوسطة الدخل- تتكلف جاهدة وبعناء كبير في توفيرها لدراسة أبنائهم بأوكرانيا”؛ وهو، حسبهم، ما سيساهم في “إقصاء جل الطلبة إذا اعتُمد هذا الحل لوحده” منادين بـ”وجوب تحديد رسوم متطابقة لرسوم الجامعات الأوكرانية يستفيد منها جميع

الطلبة”.

وأثارت الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان الانتباه إلى أنه “لم يتم الإعلان عن آليات إجراء امتحان الولوج، ولم يأخذ بعين الاعتبار اللغة التي يدرس بها الطلبة، كما أنه لم يتم الإعلان عن عدد المقاعد المتوفرة علما أنه يجب إدماج جميع الطلبة بدون استثناء”؛ مطالبين الجامعات بـ”تسهيل عملية تسجيل الطلبة، إذ إن مطالبتهم بإحضار بيانات النقط هو أمر تعجيزي علما أن الجامعات الأوكرانية ترفض إمداد الطلبة بوثائقهم وتؤكد أنه لا يمكن تسليمها إلا عند نهاية المسار الدراسي. أما إذا كان الطالب يريدها فورا فإن عليه أن يفصل نفسه من الكلية؛ وهو ما أكدته السفارة”.

مطلب آخر يتشبث به الطلبة المغاربة “ضحايا حرب أوكرانيا” يتعلق بـ”خيار الدراسة عن بعد”، مؤكدين أنهم “يطلبون بضمانات كتابية من الطرفين المغربي والأوكراني توضح التزامات كل طرف: التزام الجانب الأوكراني بالدراسة عن بعد، والجانب المغربي بضمان التداريب الميدانية بعقد اتفاقية ملزمة للطرفين، معبرين عن رغبتهم أن “يتم إخراج هذه الاتفاقية إلى حيز الوجود في غضون الأيام المقبلة قبل التسجيل وأداء رسوم الدراسة للجامعات الأوكرانية برسم سنة 2022-2023”.

وجرى خلال الوقفة ذاتها، رفع وتلاوة نداء “استغاثة” إلى الملك محمد السادس، تضمن تقديم عبارات “الشكر على عنايته الخاصة بإجلائنا وتسهيل ترحيلنا إلى بلدنا المغرب عقب اندلاع الحرب بأوكرانيا”.

كما جددوا مطالبهم إلى الملك بالتدخل قصد تمكينهم من حل عادل: “مولانا أبا الأمة الحنون، نحيطكم علما أنه رغم حلول الدخول الجامعي، فالحكومة لم تتوصل حتى الآن إلى حل منصف وعادل لضمان متابعة دراستنا؛ وعد الإدماج بالجامعات المغربية العمومية تبخر ولم يعد ممكنا، وحل الإدماج بالكليات الخاصة لا طاقة لنا بتكاليفه الباهظة وامتحانه الإقصائي، وخيار الدراسة عن بعد لم يتم توضيحه باعتماد اتفاقية مشتركة بين الجانبين تبين التزامات الطرفين، والإلحاق بجامعات دول جوار أوكرانيا،لم يفصح عن الاتفاقيات التي أجريت في شأنه، أما طلبة التخصص فمستقبلهم المهني مهدد”.

الاستغاثة المرفوعة إلى عاهل البلاد تضمنت، أيضا، مطالب بـ”إنصاف طلبة أوكرانيا بالنظر إلى وضعيتنا” وأن “تشملنا بعطفكم الكريم بالتدخل لإعطاء تعليماتكم السامية لمباشَرة تدبير ملفنا بجدية تامة؛ فمستقبلنا في وطننا، وطن التضامن والوحدة في النوائب والتحديات في الصعوبات”، الاستغاثة

وفي سياق متصل، وجه “طلبة الطب المقيمون” العائدون من أوكرانيا، منذ أيام، مراسلة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية يطالبونه من خلالها بالتدخل لإيجاد حل لوضعيتهم، لأن حلول سفارة كييف في الرباط ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لم تشمل هذه الفئة؛ وهو مطلب تجدد خلال الوقفة التي تخللتها شعارات منددة من قبيل “ممفاكينش”.

وحسب المراسلة فإن هؤلاء الطلبة هم “أطباء على وشك إنهاء مسارهم في التخصص، وكلهم استعداد لخدمة وطنهم ويطمحون إلى أن يكونوا أطباء فاعلين في ورش تعميم التغطية الصحية الذي أطلقه الملك محمد السادس، كما أنهم يطالبون بأن تشملهم توصيات الملك في ما يخص استقطاب الكفاءات المغربية المتواجدة بالخارج والاستفادة منها”.

يشار إلى أن مقترح وزارة التعليم العالي بإدماجهم في الجامعات الخاصة عوض العمومية كان قد قوبل بالرفض والاستهجان، بمجرد إعلان وزير التعليم العالي عنه، عقب مجلس حكومي سابق؛ في حين تستمر مطالب الآباء والأمهات وأبنائهم باعتباره “حلا جزئيا وإقصائيا”.