وقف تقرير أعدته لجنة موضوعاتية حول الأمن الصحي، شكلها مجلس المستشارين منذ أشهر، على مجموعة من الإشكاليات التي تعرفها السياسة الدوائية ببلادنا.

وبحسب التقرير الذي تمت مناقشة مضامينه خلال جلسة عامة بمجلس المستشارين، الثلاثاء 19 يوليوز 2022، فإن الأدوية الأكثر استهلاكا تتسم بالغلاء مقارنة بدول الجوار، وخصوصا الأدوية التي تستعمل في علاج الأمراض المزمنة والمستعصية.

كما رصدت المجموعة التي عقدت لقاءات عديدة مع مسؤولين في وزارة الصحة ومع ممثلي الأطباء والصيادلة، الإقبال الضعيف على وصف الدواء الجنيس من طرف الأطباء والتشكيك في جودته، فضلا عن فرض الضرائب على بعض الأدوية التي تستعمل بكثرة وذات التكلفة المرتفعة.

ولفت التقرير إلى أن غلاء تكلفة العلاج مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين، يدفع بعض الأسر إلى التوجه مباشرة إلى الصيدليات بدون وصفة طبية، أو استعمال بعض الأعشاب والمستحضرات الطبيعية.

وسجلت الوثيقة ذاتها ارتفاع نفقات الأسر على شراء الأدوية، التي تصل إلى نسبة 43 في المائة من الانفاق الإجمالي على العلاج، فضلا عن ندرة بعض الأدوية وعدم انتشارها بشكل عادل على المستوى الترابي.

وشددت المجموعة الموضوعاتية على ضرورة تشجيع استعمال الدواء الجنيس، من خلال إدماجه ضمن البروتوكولات العلاجية، وجعل الأطباء يقبلون بوصفه، مع تعزيز آليات مراقبة تصنيعه والحرص على جودته وسلامته وفعاليته، وحضر بيع الأدوية خارج الصيدليات، ومحاربة ظاهرة بيع الأدوية والمضادات الحيوية خارج المسار العادي للعلاج وبدون وصفات طبية.

من جهة أخرى، وتماشيا مع تصور الحكومة القاضي بإحداث وكالة وطنية للأدوية والمنتجات الصحية، طالبت المجموعة الموضوعاتية بتمكين هذه الوكالة من الآليات القانونية الضرورية ومن الموارد المالية والبشرية المناسبة، وضمان استقلاليتها، حتى تتمكن من مراقبة جودة الأدوية وسلامتها، وضبط السوق وفق شروط المنافسة الشفافة، والتحكم في ارتفاع الأسعار بما يعزز القدرة الشرائية للمواطنين، والحرص على مراقبة شراء واستعمال الأدوية من طرف المصحات الخاصة والمستشفيات العمومية بشكل يضمن عدم الوقوع في تعارض المصالح.

وأكدت المجموعة الموضوعاتية أن تأهيل المنظومة الصحية يجب أن ينطلق من تأهيل أقسام المستعجلات وتنظيمها وفق آليات وقواعد مضبوطة، والفصل بين مسار سلك المساطر الإدارية، ومسار تقديم العلاج والإسعافات الضرورية للحالات الحرجة والخطيرة، التي لا يمكنها الانتظار، وذلك بتخصيص مسار خاص للتسريع من عملية إسعافها.

كما طالبت بتأهيل أسطول سيارات الإسعاف والقضاء على ظاهرة تأخر وصولها إلى أماكن وقوع الحوادث، وتكوين المكلفين بنقل الحالات الحرجة في مجال تقديم الإسعافات الأولية وجعلهم ملزمين بتقديم هذه الإسعافات دون الاقتصار على نقل الحالات، وفق دليل واضح متعلق بالإسعافات الأولية، وربط سيارات الإسعاف بنظام فعال للتواصل مع أقسام المستعجلات، وتمكينها من السلطة التقديرية لتوجيه العاملين بالمستعجلات للاستعداد لتفعيل المسار بالحالات الخطيرة.