قالت مصادر دبلوماسية إن قتالا عنيفا اندلع في إقليم تغراي (شمال إثيوبيا)، الأربعاء، بعد أن أطلق رئيس الوزراء آبي أحمد عمليات عسكرية ردا على ما قال إنه هجوم على قوات الحكومة الاتحادية.

ويتصاعد التوتر منذ سبتمبر/أيلول عندما أجرى الإقليم انتخابات في تحد للحكومة الاتحادية، التي وصفت التصويت بأنه “غير قانوني”، وتبادل الجانبان في الأيام القليلة الماضية الاتهامات بالتخطيط لإشعال صراع عسكري.

واتّهم أحمد، الأربعاء، “جبهة تحرير شعب تغراي” الحاكمة في هذه المنطقة بأنها هاجمت معسكرا للجيش في تغراي”. وأضاف أن “قواتنا الدفاعية تلقت الأمر بالقيام بمهمتها في إنقاذ الأمة، لقد تم تجاوز المرحلة الأخيرة من الخط الأحمر”.

واتهم مكتب رئيس الوزراء في بيان “جبهة تحرير شعب تغراي” بأنها ألبست عناصرها بزات عسكرية مثل تلك التي يرتديها جنود الجيش الإريتري من أجل “توريط الحكومة الإريترية في مزاعم كاذبة بالعدوان على شعب تغراي”.

وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان في ساعة مبكرة، صباح الخميس، إن الجبهة الشعبية لتحرير تغراي حاولت سرقة قطع مدفعية وغيرها من العتاد من القوات الاتحادية المتمركزة هناك.

وأضاف البيان “لقد تم تجاوز الخط الأحمر الأخير بهجمات هذا الصباح، وبالتالي اضطرت الحكومة الاتحادية إلى الدخول في مواجهة عسكرية”، وتابع أن الهدف هو الحيلولة دون زعزعة استقرار البلاد والمنطقة.

وقالت بيلين سيوم، المتحدثة باسم آبي أحمد، لرويترز في وقت لاحق إن عمليات عسكرية بدأت في الإقليم دون الخوض في التفاصيل. وذكر مصدران دبلوماسيان في أديس أبابا أن قتالا عنيفا، شمل قصفا مدفعيا، اندلع في الإقليم الشمالي الواقع على الحدود مع إريتريا.

وقال مكتب رئيس الوزراء إن الحكومة الاتحادية أعلنت حالة الطوارئ في الإقليم لمدة 6 أشهر على أن تخضع لإشراف رئيس أركان القوات المسلحة.

من جهتها قالت الحكومة المحلية في تغراي إن القيادة الشمالية للجيش الاتحادي المتمركزة في المنطقة انشقت وانضمت إليها، في بيان وصفته بيلين بأنه “معلومات كاذبة”.

وقالت الجبهة الشعبية لتحرير تغراي في بيان صدر في وقت لاحق “ننتصر دائما؛ لأن الغرور والتعدي وأفعال الخيانة في بلادنا ليست من خصالنا.. نحن نعرف الحرب في ميادين القتال؛ تزهق الأرواح وتدمر الممتلكات”.

وقال رضوان حسين، المتحدث باسم مهمة عمل حالة الطوارئ المشكلة حديثا، إن الحكومة تعتبر الجبهة الشعبية لتحرير تغراي العدو الحقيقي، وليس إقليم تغراي.

وأضاف رضوان في إفادة صحفية “هذا الصراع مع جماعة صغيرة للغاية لها مصالح شخصية محدودة تهدف إلى زعزعة استقرار النظام في البلاد”.

وصرح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إن الأمين العام يدعو إلى إجراءات فورية لخفض تصعيد التوتر، وضمان التوصل لحل سلمي للنزاع.

وحثت السفارة الأميركية في إثيوبيا الجانبين على خفض التصعيد، وقالت في بيان “نحث بشدة جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لسلامة المدنيين وأمنهم”.

وفي العام الماضي، انسحبت الجبهة الشعبية لتحرير تغراي من ائتلاف آبي أحمد الحاكم.

ومنذ أن تولى آبي السلطة في 2018، اعتُقل الكثير من كبار المسؤولين المنحدرين من تغراي أو أُقيلوا أو “هُمشوا”، فيما تصفه الحكومة الاتحادية بأنه حملة على الفساد؛ لكن سكان الإقليم يرونه وسيلة لقمع المعارضة.

ولا يشكل سكان تغراي سوى 5% من عدد سكان إثيوبيا البالغ 109 ملايين نسمة؛ لكن الإقليم أشد ثراء وتأثيرا من أقاليم أخرى كثيرة أكبر في البلاد.

وتصاعد التوتر في الأيام الأخيرة بين أديس أبابا وتغراي.

ورفض قادة الإقليم الذين هيمنوا على السياسة الوطنية 30 عاما قبل وصول آبي أحمد إلى السلطة في 2018، تمديد البرلمان الفدرالي لولاية النواب -الوطنيين والمحليين-، وقرروا تنظيم انتخابات في منطقتهم في سبتمبر/أيلول.

ومنذ ذلك الحين، يعتبر كل معسكر المعسكر الآخر غير شرعي. وصوت أعضاء مجلس الشيوخ الإثيوبي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول لمصلحة قطع الاتصالات والتمويل بين السلطات الفدرالية والمسؤولين في تغراي.

وفي إطار هذا التوتر فرضت عمليات مراقبة على الطواقم والمعدات العسكرية في تغراي، ومنعت جبهة تحرير شعب تغراي، الجمعة، جنرالا عينته أديس أبابا من تولي منصبه هناك، واضطر إلى العودة أدراجه بعدما تم إبلاغه بأن “تعيينه لا يعتبر شرعيا”.

وتضم تغراي جزءا كبيرا من الأفراد والمعدات العسكرية للدولة الفدرالية، وهو إرث الحرب التي وقعت من 1998 إلى 2000 بين إثيوبيا وإريتريا الواقعة على حدود الإقليم.

وكشف تقرير لمجموعة الأزمات الدولية الجمعة أن المنطقة تضم “أكثر من نصف مجمل أفراد القوات المسلحة والفرق المؤهلة” في البلاد. وحذرت المنظمة من احتمال وقوع “نزاع مدمر قد يمزق الدولة الإثيوبية”.

وقال مسؤولون في تغراي مؤخرا إنهم لن يبدؤوا نزاعا عسكريا، وقال غيتاتشو رضا، المسؤول البارز في “جبهة تحرير شعب تغراي”، لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي “لن نكون أول من يطلق النار، ولا أول من يفشل”.

وأعلن ونديمو أسامنيو وهو مسؤول كبير آخر في تغراي مساء الثلاثاء أن الحكومة الفدرالية تحشد القوات على الحدود الجنوبية لتغراي.

وأضاف ونديمو “أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالتعبئة العسكرية، فهذا ليس لعب أطفال.. هذا يمكن أن يطلق حربا شاملة”، مؤكدا أن “ما يفعلونه هو لعب بالنار”.

وتابع “يمكن أن يحدث أي شيء في أي وقت.. شرارة صغيرة يمكن أن تشعل المنطقة بأكملها، لذلك أعتقد أننا في حالة تأهب قصوى، ويمكنني أن أؤكد أننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا”.