يقبع ستّة شبّان مغاربة في زنزانات معزولة داخل سجن غاروي بمنطقة بونتلاند الصّوماليّة، ضحايا مأساة إنسانيّة وقانونيّة، وما يزالون رهن الاعتقال منذ سنوات رغم صدور حكم قضائي نهائي يبرّئهم من التهّم الإرهابيّة المنسوبة إليهم. يعيش هؤلاء الشّباب في ظروف مزرية، تتّسم بالحرمان من أبسط الحقوق، مثل الماء الصّالح للشّراب والوجبات الكافية، في حين يغيب أي تحرّك رسمي مغربي لإنقاذهم.
بدأت قصّة هؤلاء الشّباب بمحاولة للهجرة بحثًا عن فرصة عمل في الصّومال، حيث تعرّضوا للخداع من قِبل وسطاء وعدوهم بوظائف مجزية. عند وصولهم إلى مناطق تخضع لسيطرة جماعات متطرّفة، لجأوا إلى السّلطات المحليّة هربًا من خطر التّنظيمات الإرهابيّة، ليُعتقلوا ويحاكموا أمام محكمة عسكريّة بظروف مشوبة بضعف التّمثيل القانوني. صدر في حقّهم حكم بالإعدام، قبل أن يُبرّأوا لاحقًا بأمر قضائي واضح يُقر ببراءتهم ويأمر بترحيلهم إلى المغرب.
مع ذلك، لا يزال هؤلاء الشّباب محتجزين في ظروف اعتقال قاسية، محرومين من التّواصل مع العالم الخارجي، ومعاناة نفسيّة وجسديّة يوميّة، وسط صمت رسمي من السّلطات المغربيّة التي لم تتدخل لإنهاء معاناتهم. وقد لجأت عائلاتهم إلى وزارة الخارجيّة المغربيّة بشكاوى طالبةً التّدخّل العاجل، لكنّها لم تلقَ أي استجابة حتّى الآن.
تعقّد القضيّة يزيد من غياب التّمثيل الدّبلوماسي المغربي المباشر في الصّومال، ما يعوق التّنسيق لإعادة هؤلاء الشّباب، في حين تلقي سلطات بونتلاند بالمسؤوليّة على المغرب، مشدّدةً على ضرورة موافقة الرباط على استقبال مواطنيها.
وتسلّط هذه المأساة الضّوء على نقص آليات الحماية القنصليّة للمغاربة في دول النّزاع والهشاشة الأمنيّة، وتطرح تساؤلات حول مسؤولية الدّولة في الدّفاع عن حقوق مواطنيها في الخارج، خاصّةً أولئك الذين وقعوا ضحايا للخداع والتّضليل.