تستعد المملكة المغربية لاحتضان نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، التي تنطلق في 21 دجنبر 2025، في ثاني تنظيم لها بعد نسخة 1988، وسط طموح رسمي بجعل هذه الدّورة مرجعًا تنظيميًا غير مسبوق على الصّعيد القارّي، من خلال اعتماد معايير تفوق متطلّبات الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم. غير أنّ الحضور الباهت للقناة الرّياضية في المشهد الإعلامي الوطني يطرح علامات استفهام حول جاهزيّة الآلة التّرويجية لمواكبة الحدث.
وبحسب معطيات متداولة في أوساط مهنية، فإنّ توتّرًا إداريًا ألقى بظلاله على أداء القناة في مرحلة توصف بالحاسمة، وأدّى إلى تعثّر عدد من المشاريع المرتبطة بالتّحضير الإعلامي للبطولة القاريّة.
وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ هذا الوضع انعكس مباشرةً على مسار إعادة هيكلة القناة الرّياضية، حيث توقّفت أوراش تطوير هويّتها البصرية، وبات مصير طلبات العروض المتعلّقة بإطلاق تصوّر جديد للقناة غير واضح، في سياق كان يهدف إلى إرساء تمايز مؤسّساتي بينها وبين باقي قنوات القطب العمومي، تمهيدًا لإحداث شبكة قنوات رياضية متعدّدة بدل الاكتفاء بقناة واحدة.
وكان من المنتظر أن يشمل هذا التّصوّر إحداث استوديو مركزي حديث من حيث التّجهيزات التّقنية والمعايير الجمالية، إلى جانب تعزيز قدرات الإنتاج، غير أنّ المستجدّات الأخيرة أعادت ترتيب الأولويّات، ليُتّخذ قرار بتقاسم الاستوديو الجديد بين القناة الرّياضية والقناة الأولى، مع إسناد مهمّة النّقل الرّسمي للأخيرة.
وفي مقابل هذا التّراجع، برزت قنوات عمومية وخاصّة أخرى في واجهة التّغطية المبكّرة للبطولة، حيث أطلقت القناة الأولى برامج وتقارير خاصّة، وانخرطت القناة الثّانية (2M) وقناة Medi1 في مواكبة الحدث، بينما ظلّت القناة المتخصّصة في المجال الرّياضي بعيدة عن دائرة الضّوء.
ومع اقتراب موعد ضربة البداية، أصبح هذا الغياب أكثر وضوحًا، خاصّةً عند مقارنة المشهد الإعلامي المغربي بنظرائه في دول إفريقيّة أخرى، من قبيل السنغال ومصر وكوت ديفوار، التي خصّصت قنواتها الرّياضية مساحات واسعة للتّرويج للبطولة، في حين لا يعكس الإعلام الوطني مستوى التّعبئة المنتظر لحدث من هذا الحجم.
ويرى متابعون أنّ هذا الوضع قد يحدّ من العائد التّسويقي للبطولة، ويقلّص من فرص إبراز صورة المغرب كوجهة رياضية وسياحية، إذ دأبت الدّول المستضيفة لمنافسات كبرى على استثمار التّغطية الإعلامية لتسويق بنياتها التّحتيّة والتّعريف بمؤهّلات مدنها وثقافتها.
ويأتي ذلك في وقت ضخّ فيه المغرب استثمارات وُصفت بالضّخمة لإنجاح البطولة، شملت، وفق مصادر رياضية، نحو 75 مليون دولار لإعادة تشييد ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، و37 مليون دولار لتوسعة وتحديث ملعب طنجة، فضلاً عن تأهيل تسعة ملاعب موزّعة على ست مدن، إلى جانب مشاريع موازية في مجالات النّقل والطّرق والإنارة والبث التّلفزيوني.
وتراهن المملكة على هذه التّظاهرة لتحقيق مكاسب رمزيّة تتجاوز الجانب الرّياضي، وتعزيز رصيدها في مجال “القوّة النّاعمة”، لكونها تشكّل محطّة اختبار أساسية قبل الاستضافة المشتركة لكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، وهي المنافسة التي يطمح المغرب لاحتضان مباراتها النّهائية، غير أنّ محدودية الحضور الإعلامي للقناة الرّياضية قد تُضعف هذا الرّهان ما لم تنجح باقي القنوات في تعويض هذا الغياب.





