في خطوةٍ سياسيةٍ لافتة، اِحتضن مقر رئاسة الحكومة بالرباط، يوم الإثنين، لقاءً موسّعًا جمع مستشاري الملك محمد السادس ووزيريْ الدّاخلية والخارجيّة بقادة الأحزاب السّياسية الممثّلة في البرلمان بغرفتيْه، وذلك بمبادرة من العاهل المغربي. اللّقاء، الذي وُصف بالمفصلي، شكّل مناسبة لإشراك الفاعلين الحزبيّين في مناقشة المستجدّات المرتبطة بتفعيل مبادرة الحكم الذّاتي كإطار لإنهاء النّزاع حول الصّحراء المغربية.
وجاء الاجتماع، بحسب بلاغ صادر عن الدّيوان الملكي، في سياق يتزامن مع تبنّي مجلس الأمن للقرار رقم 2797، الذي أكّد وجاهة المقترح المغربي المقدّم عام 2007 كأساس واقعي وعملي لتسوية النّزاع، مع تحديد مهلة زمنية تمتد لعام واحد لفتح مفاوضات بين الأطراف المعنيّة تحت إشراف الأمم المتّحدة وبمبادرة من الولايات المتّحدة الأمريكية.
اللّقاء حضره قادة الأحزاب السّياسية دون استثناء، من الأغلبية والمعارضة على حدٍّ سواء، بمن فيهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والأمين العام لحزب العدالة والتّنمية عبد الإله بن كيران، إلى جانب عدد من الوزراء الحاليين والسّابقين. وقد غاب عن البلاغ الملكي أي إشارة إلى أنّ المبادرة جاءت استجابةً لمقترحات حزبية، ما يوحي بأنّ التّحرّك تمّ بمبادرة مباشرة من المؤسّسة الملكية.
ويبدو أنّ الاجتماع حمل رسالة سياسية واضحة مفادها أنّ القصر يسعى إلى إشراك النّخب الحزبية في نقاش وطني موسّع حول مستقبل الحكم الذّاتي، باعتبار أنّ المرحلة المقبلة ستتطلّب إصلاحات دستورية ومؤسّساتية عميقة لتفعيل المشروع على أرض الواقع. وقد عكس حضور كل من الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة وعمر عزيمان—وهم من أبرز مستشاري الملك المتابعين لملف الصّحراء منذ سنوات—رغبة القصر في تأطير النّقاش من زاوية تجمع الخبرة الدّبلوماسية والسّياسية والحقوقية.
ورغم أهميّة الحدث، فإنّ التّفاعل الحزبي معه ظل محدودًا، إذ لم تُصدر معظم الأحزاب أي بيانات مستقلّة أو توضيحات تفصيلية حول مضامين اللّقاء، مكتفيةً بإعادة نشر بلاغ الدّيوان الملكي أو بالإدلاء بتصريحات مقتضبة لوسائل الإعلام الرّسميّة. هذا الغياب النّسبي للتّفاعل أثار تساؤلات حول مدى استعداد الأحزاب للانخراط الفعلي في مسار تنزيل مبادرة الحكم الذّاتي، بين من يفسّره بتحفّظ تقليدي إزّاء الملفّات ذات الطّابع السّيادي، ومن يرى فيه مؤشّراً على محدودية المبادرة السّياسية داخل التّنظيمات الحزبية.
الاجتماع، في مجمله، يعكس توجّهاً ملكياً جديداً نحو توسيع دائرة التّشاور بشأن ملف الصّحراء، وتهيئة الأرضيّة السّياسية والمؤسّساتية لمسار تفاوضي معقّد يتطلّب تعبئة وطنية شاملة، تتجاوز منطق الاحتكار المؤسّساتي إلى إشراك أوسع للفاعلين السّياسيّين في رسم مستقبل القضّية الوطنية الأولى.






