يعرف المشهد السّياسي الفرنسي تحوّراً جديداً في موقف حزب الرّئيس إيمانويل ماكرون تجاه قضايا الحجاب، حيث بات الحزب يتّجه نحو تبنّي مقترح قانوني يمنع ارتداء الحجاب للفتيات تحت سن 15 عامًا في الأماكن العامّة. يأتي هذا التّوجّه في سياق المخاوف المتصاعدة من تغلغل الإسلام السّياسي، خاصّةً الإخوان المسلمين، في المجتمع الفرنسي، وسط نقاشات متواصلة حول ضرورة التّصدّي لهذا التيّار عبر تشريعات صارمة.

وينص المقترح المطروح على حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامّة كالحدائق، الشّوارع، المقاهي والمتاجر، مع التّركيز على حماية الأطفال وضمان المساواة بين الجنسيْن، في خطوة يرى القائمون عليها أنّها ضروريّة للحد من تأثير الأصوليّة الإسلاميّة في المجتمع.

ويعمل حزب النّهضة، بقيادة رئيس الوزراء السّابق غابريال أتال، على وضع آليات قانونيّة لمعاقبة أولياء الأمور الذين يُجبرون بناتهم على ارتداء الحجاب قسرًا، معتبرين ذلك إكراهًا ينتهك حقوق الطّفل. تأتي هذه المبادرات في ظل جدل سياسي واسع بين الأطراف الفرنسيّة، إذ يعارض البعض هذه الإجراءات، معتبرينها تقييدًا لحريّة المعتقد، بينما يؤكّد آخرون ضرورة التّصدّي لما يرونه محاولة لانتشار الإسلام السّياسي تحت غطاء ديني.

وكان إيمانويل ماكرون قد شدّد مرارًا على أنّ القوانين المستحدثة لا تستهدف الدّين الإسلامي بحد ذاته، بل تركّز على مكافحة الأصوليّة الإسلاميّة التي تشكّل تهديدًا للقيم الجمهوريّة.

ويُذكر أنّ هذه الخطوات تتزامن مع تقارير رسميّة وندوات سياسيّة ناقشت أبعاد تأثير الإخوان المسلمين في فرنسا، وسط تباين في الآراء بين اليسار المعتدل الذي يدعو إلى الحوار والتّفاهم، واليمين المتشدّد الذي يربط الأزمة بالإسلام بشكل عام، لا بالأصوليّة فقط، ممثَّلاً في شخصيّات بارزة كإيريك زمور وماريون ماريشال لوبان.

وتُعد هذه القضيّة محور نقاش مستمر في الإعلام الفرنسي، الذي يعكس الإنقسامات الإجتماعيّة والسّياسيّة في البلاد حول موضوع الحريّات الدّينيّة والهويّة الوطنيّة.