سلّط تقرير حديث لمجلة جون أفريك الفرنسيّة الضّوء على التّقدّم الذي أحرزه المغرب في ترسيخ مقترح الحكم الذّاتي كحل وحيد وواقعي لقضيّة الصّحراء، معتبرًا أنّ المملكة انتقلت من مرحلة إقناع المنتظم الدّولي، إلى ما وصفته المجلة بـ”لحظة الحسم”، حيث لم يعد الرّهان سياسيًّا أو دبلوماسيًّا فقط، بل بات مرتبطًا بتنزيل فعلي داخل البنية المؤسّساتيّة للدّولة.

ووفق التّقرير، فإنّ الكفّة الدّبلوماسيّة باتت راجحة لصالح المغرب أكثر من أي وقت مضى، مدعومة بمواقف دوليّة متنامية ترى في مقترح الرباط – المقدّم سنة 2007 – صيغة “جديّة وذات مصداقيّة” لتسوية النّزاع. إلّا أنّ تفعيل هذا النّموذج على أرض الواقع، حسب المجلّة، يستوجب إصلاحات هيكليّة عميقة، قد تتجاوز بكثير نطاق الأقاليم الجنوبيّة.

في العيون والداخلة، لم تعد السّيادة المغربيّة، كما يقول التّقرير، مجرّد عنوان سياسي، بل واقع ملموس ينعكس في الدّينامية التّنمويّة، والبنيات التّحتيّة المتجدّدة، وتطوّر المؤشّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة. وتؤكّد المجلّة أنّ هذه الجهات أصبحت أقل اعتمادًا على الدّولة المركزيّة، وحقّقت نسب نمو تفوق المعدّلات الوطنيّة، مذكّرةً بأنّ النّاتج الدّاخلي الخام للفرد في جهة الداخلة – وادي الذهب يبلغ حوالي 8000 يورو سنويًا، أي ضعف المعدّل الوطني.

دبلوماسيًّا، تكرّس مقترح الحكم الذّاتي كمرجعيّة معتمدة من قبل عواصم وازنة مثل واشنطن وباريس ومدريد ولندن، فضلًا عن دعم متزايد من دول إفريقيّة، ما مكّن المغرب من تغيير موازين القوى لصالحه، في وقت لا تزال فيه الأطروحات الانفصاليّة متمسّكة بخطابات “متجاوزة”، على حد توصيف المجلّة.

لكن هذا التّقدّم يفتح الباب على تساؤلات أكبر، لا سيما ما يتعلق بتفاصيل تنفيذ الحكم الذّاتي من حيث القواعد القانونيّة، وتمثيلية الصّحراويين، ونقل الصّلاحيات، وإعادة النّظر في العلاقة بين المركز والجهات، وهو ما قد يقتضي، حسب التّقرير، ورشًا مؤسّساتيًا واسعًا يصل إلى مراجعة الدّستور، وتوسيع سلطات الجهات، وإرساء توازن ديمقراطي جديد.

وترى جون أفريك أنّ الخطّة المغربيّة لم تعد مجرّد حل تقني لنزاع إقليمي، بل يمكن أن تتحوّل إلى مدخل عميق لإعادة تشكيل البنية السّياسيّة للدّولة، معتبرةً أنّ “الرّهان الحقيقي” لم يعد خارج حدود المغرب، بل في قلبه.