في خطوة تعكس الموقع المتقدّم الذي باتت تحتلّه الأقاليم الجنوبيّة للمملكة في المشهد الإفريقي والدّولي، اِحتضنت دار الثّقافة أم السعد بمدينة العيون، مساء الثّلاثاء، مؤتمراً دوليًّا رفيع المستوى ناقش سبل “تعزيز قدرات المجتمع المدني من أجل تأثير عالمي”.
الفعّالية نظّمت بالتّزامن مع زيارة رسميّة لوفود تمثّل منظّمات غير حكوميّة حاصلة على الصفّة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتّحدة (ECOSOC)، وبمشاركة شخصيّات بارزة عن الاتّحاد الإفريقي، ما منح اللّقاء طابعاً مؤسّسياً ودبلوماسياً يعكس اهتمام الهيئات القاريّة والدّوليّة بالموقع المتصاعد للمغرب داخل شبكات التّعاون جنوب–جنوب.
وعرف المؤتمر حضور نحو 60 مشاركاً، نصفهم تقريباً من النّساء الفاعلات في الحقل المدني، إلى جانب حقوقيين وأكاديميّين وأفراد من الجالية الإفريقيّة المقيمة في المدينة، ما أضفى على النّقاش طابعاً متنوّعاً وغنيًّا من حيث المقاربات والخبرات. كما حضرت السيّدة كمالتو كمال، نائبة رئيس المجلس الجماعي للعيون، في إشارة إلى انفتاح المؤسّسات المنتخبة محليًّا على قضايا تتجاوز البعد التّرابي إلى الأجندات الإفريقيّة والدّوليّة.
من أبرز المتدخّلين في المؤتمر الدكتور أيمن عكيل، نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثّقافي للاتّحاد الإفريقي (ECOSOCC)، والسيّدة هانا فوستر، المديرة التّنفيذيّة للمركز الإفريقي للدّيمقراطية وحقوق الإنسان، اللّذان أكّدا أنّ مدينة العيون أصبحت فضاءً طبيعياً للنّقاشات الإفريقيّة الجوهريّة، ومكاناً مناسباً للاعتراف بالتّحوّلات التّنمويّة والحقوقيّة المتسارعة التي يشهدها الجنوب المغربي.
وتوزّعت محاور النّقاش على قضايا تتّصل بتقوية المجتمع المدني الإفريقي وتفاعله مع منظومة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، وكذا تقييم واقع حقوق الطّفل في القارّة وسبل حمايته، إلى جانب استعراض تجارب مؤثّرة كمبادرة CIDH Africa، التي ترافق الجمعيّات المدنيّة وتعزّز حضورها في المحافل الدّوليّة.
كما لم تغب التّحدّيات المرتبطة بتشويه الحقائق عن طاولة النّقاش، إذ خصّص المتدخّلون حيّزاً لفضح خطاب التّضليل الذي تروّجه بعض الأطراف المعادية لوحدة المغرب التّرابية، مؤكّدين أنّ المعاينات الميدانيّة والمشاريع التّنمويّة بالعيون تُكذّب المزاعم وتقدّم نموذجاً مضاداً للخطابات الانفصاليّة.
اِختتم اللّقاء في حدود السّاعة التّاسعة وخمس دقائق مساءً، وسط إشادة عامّة بجودة التّنظيم وعمق النّقاشات، مع تأكيد المشاركين على أنّ العيون تواصل تكريس مكانتها كمنصّة محوريةّ للحوار الإفريقي، ونموذج متقدّم لربط المبادرات المدنيّة بالقضايا الكبرى التي تواجه القارّة.