في ظلّ ما شهدته بعضٌ من مدن المملكة من تصاعد موجات الاستياء الشّعبي حيال تدهور الخدمات الصحيّة في عدد من مستشفيات المملكة، يقوم وزير الصحّة والحماية الاجتماعيّة، أمين التهراوي، بجولة ميدانيّة لعدد من المؤسّسات الاستشفائيّة، في محاولة لاحتواء الغضب الاجتماعي المتزايد وتفادي تداعياته السّياسيّة مع اقتراب الانتخابات التّشريعيّة لسنة 2026.
وانطلقت الجولة من مدينة أكادير، حيث شهد المستشفى الجهوي الحسن الثاني احتجاجات حاشدة بسبب ما وصفه المحتجّون بـ”سوء الخدمات وتدهور الوضع الصحّي”، ما دفع الوزير إلى زيارة المستشفى بشكل مفاجئ، حيث أعلن في أعقابها عن إعفاء مدير المؤسّسة وعدد من المسؤولين الإداريين، متعهّدًا بإجراءات عاجلة لتحسين جودة الرّعاية الصحيّة.
ولم تقتصر تحرّكات الوزير على أكادير، إذ انتقل بعد ذلك إلى إقليمي الناظور والدريوش، حيث قام بزيارات تفقّديّة للمستشفيات المحليّة، واستمع إلى شكاوى مباشرة من المواطنين، قبل أن يُعلن عن تخصيص 130 منصبًا ماليًّا إضافيًّا لدعم البنية الصحيّة في المنطقة. كما شملت الجولة مستشفى مكناس، الذي حظي بتعليمات وزارية صارمة لتحسين مستوى الخدمات.
وتأتي هذه التّحرّكات في وقت يعتبر فيه مراقبون أنّ الحكومة تواجه اختبارًا حقيقيًّا بفعل تنامي الاحتقان الاجتماعي، وسط تحذيرات من تحوّل موجات السّخط إلى احتجاجات واسعة قد تمس بصورة السّلطة التّنفيذيّة برمّتها قُبيْل الاستحقاقات الانتخابيّة المقبلة.
وفي هذا السّياق، اعتبر الخبير القانوني والمحلّل السّياسي رشيد لبكر أنّ ما جرى في مستشفى أكادير يرقى إلى “فضيحة تدبيريّة”، مشيرًا إلى أنّ تحميل المسؤولية فقط للمسؤولين المُقالين “لا يعفي الوزير من مسؤوليته السّياسيّة المباشرة”، وواصفًا الإقالات بأنّها “تضحية بأكباش فداء”.
وانتقد لبكر ما وصفه بـ”الاستغلال الإعلامي” لزيارات الوزير، معتبرًا أنّ الاستجابة جاءت بعد ضغط الرّأي العام والاحتجاجات التي انتشرت عبر وسائط التّواصل الاجتماعي، لا نتيجةً لتحرّك ذاتي من داخل الوزارة.
ورغم تداعيات هذه الوقائع على صورة الحكومة، يرى لبكر أنّ تأثيرها على نتائج الانتخابات التّشريعيّة يظل محدودًا، بسبب ما وصفه بـ”العزوف السّياسي الواسع وغياب الثّقة في العمليّة الانتخابيّة”، مؤكّداً أنّ الشّارع الذي يملك طاقة التّغيير يفضّل المقاطعة بدل الانخراط.
واعتبر الخبير ذاته أنّ الاحتجاجات تبقى “مؤشّرًا صحيًّا على وعيْ جماهيري متقدّم”، داعيًا إلى التّعاطي معها بواقعيّة ومسؤولية في إطار القانون، حفاظًا على السّلم الاجتماعي، واستجابةً لمطالبَ مشروعةٍ تمس واحدة من أكثر القطاعات حيويّة وحساسيّة في الحياة اليوميّة للمواطنين.