أعلنت الجزائر رسميًّا إنهاء العمل بالاتّفاق المبرم مع فرنسا سنة 2013، المتعلّق بالإعفاء المتبادل من تأشيرات الإقامة القصيرة الأجل لحاملي جوازات السّفر الدّبلوماسيّة وجوازات الخدمة، في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في العلاقات المتوتّرة بين البلديْن.

وجاء هذا القرار الذي نُشر في الجريدة الرّسميّة بتاريخ 17 شتنبر 2025، بعد أن كانت الجزائر قد أخطرت السّفارة الفرنسيّة بقرارها في 7 غشت الماضي. ويقضي بإلغاء امتياز الإعفاء من التّأشيرة الذي كان معمولًا به لأكثر من عقد، ليُخضع ممثّلي البلديْن الرّسميين للإجراءات نفسها المطبّقة على عموم المواطنين، في سابقة دبلوماسيّة تُعبّر عن إعادة ضبط للعلاقات وفق مبدأ “المعاملة بالمثل”.

ويُقرأ هذا التّطوّر في سياق أزمة ثقة متفاقمة بين الجزائر وباريس، في ظل ملفّات خلافيّة عديدة تراكمت خلال السّنوات الأخيرة، أبرزها أزمة التّأشيرات لسنة 2021، التّوتّر حول قضايا الذّاكرة الاستعماريّة والهجرة، وتأخّر باريس في اعتماد قناصل جزائريين، إضافةً إلى حادث توقيف الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال، الذي اعتبرته فرنسا “انتهاكًا لحريّة التّعبير”.

لكن الملف الأشد حساسية في العلاقات الثّنائيّة يبقى، بحسب مراقبين، الموقف الفرنسي من قضيّة الصّحراء المغربيّة. فقد أثار ما اعتُبر “تحوّلًا في الخطاب الفرنسي” لصالح الاعتراف بمغربيّة الصّحراء، استياءً رسميًّا في الجزائر، التي يُعدّ دعمها لجبهة البوليساريو جزءًا من سياستها الإقليميّة. وترى الجزائر في هذا التّحوّل الفرنسي انحيازًا صريحًا للمغرب وخرقًا للتّوازن التّقليدي الذي حرصت باريس على المحافظة عليه.

وفي ظل هذا التّوتّر المتصاعد، تسعى الجزائر إلى فرض معادلة جديدة في علاقاتها مع فرنسا، تؤكّد فيها أنّها لن تقبل امتيازات دبلوماسيّة غير متبادلة، في وقت تعتبر فيه باريس الجزائر شريكًا أقل أولويّة مقارنةً بشراكتها الاستراتيجيّة المتنامية مع الرباط.

وكانت وزارة الشّؤون الخارجيّة الجزائريّة قد أكّدت، في أكثر من مناسبة، أنّ الجزائر لم تطلب قط هذه التّسهيلات، وأنّ تعليق فرنسا السّابق للاتّفاقيات ذات الصّلة كان خروجًا أحاديًا عن التّفاهمات الثّنائيّة، وأنّ الرّد الجزائري جاء “منضبطًا ومدروسًا”، في إشارة إلى أنّ القرار يحمل أبعادًا سيادية ودبلوماسيّة في آن واحد.