في خطوة دبلوماسيّة جديدة تعكس متانة العلاقات المغربيّة البرتغاليّة، أكّد وزير الدّولة والشّؤون الخارجيّة البرتغالي، باولو رانجيل، على عمق التّعاون الثّنائي بين البلديْن، واصفًا إيّاه بـ”الممتاز”، ومشدّدًا على الرّغبة المشتركة في مواصلة توسيع الشّراكة الاستراتيجيّة التي تجمع الرباط ولشبونة.
وجاء هذا التّأكيد خلال لقاء رسمي احتضنته العاصمة البرتغاليّة، وجمع الوزير البرتغالي بنظيره المغربي ناصر بوريطة، تُوِّج بإصدار إعلان مشترك يعكس تقاربًا في المواقف وتطابقًا في الرّؤى حول عدد من الملفات الإقليميّة والدّوليّة.
شراكة متجذّرة وآفاق اقتصاديّة واعدة
الوزيران عبّرا عن ارتياحهما للزّخم المتجدّد الذي تعرفه العلاقات الثّنائيّة، في ظل احتفال سنة 2024 بمرور 250 عامًا على توقيع معاهدة السّلام بين المغرب والبرتغال، و30 عامًا على معاهدة الصّداقة والتّعاون، وهو ما يمنح بعدًا تاريخيًّا للشّراكة التي تمّ تعزيزها في الاجتماع رفيع المستوى الذي استضافته لشبونة سنة 2023.
وتطرّق الجانبان إلى فرص التّعاون في قطاعات استراتيجيّة، أبرزها مشاريع الرّبط الكهربائي والبحري، إلى جانب تطوير الطّاقات النّظيفة، خاصّةً الهيدروجين الأخضر، بما يُرسّخ البُعد الاقتصادي لهذه الشّراكة ويمنحها دينامية تنمويّة جديدة.
دعم مشترك لمونديال 2030 ومبادرات أطلسيّة ملكيّة
وفي سياق تعزيز التّقارب الثّقافي والتّنمية المشتركة، شدّد بوريطة ورانجيل على أهميّة تنظيم كأس العالم 2030 بشكل مشترك بين المغرب والبرتغال وإسبانيا، وما يحمله من فرص واعدة للرّقي بالبنيات والاندماج الإقليمي.
كما نوّهت لشبونة بالمبادرات الإقليميّة التي أطلقها الملك محمد السادس، خصوصًا المتعلّقة بالقارّة الإفريقيّة، وعلى رأسها مبادرة الدّول الإفريقيّة الأطلسيّة، ومشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، معتبرةً إيّاها خطوات استراتيجيّة تخدم الاستقرار والتّنمية في المنطقة.
موقف داعم لمقترح الحكم الذّاتي
وفي تطوّر لافت، جدّدت البرتغال دعمها الكامل للمبادرة المغربيّة للحكم الذّاتي كحل جاد وواقعي لتسوية النّزاع حول الصّحراء، معتبرةً أنّ هذا المقترح يُمثّل قاعدة موثوقة للتّوصّل إلى حل سياسي دائم، تحت رعاية الأمم المتّحدة.
كما عبّر الطّرفان عن التزامهما بقرارات مجلس الأمن، وآخرها القرار 2756، مؤكّدَين أهميّة التّوافق والمسؤولية في مسار البحث عن حل نهائي لهذا النّزاع الإقليمي.
رؤية موحّدة للأمن والاستقرار
وشدّد البيان المشترك على التزام الرباط ولشبونة بالمبادئ الرّاسخة في احترام سيادة الدّول، والحفاظ على الأمن والسّلام في محيطهما الجغرافي، مشيدَيْن بالدّور الإيجابي الذي تضطلع به المملكة المغربيّة كفاعل محوري في استقرار المنطقة الإفريقيّة.
زيارة بوريطة الرّسميّة للبرتغال، التي جاءت بدعوة من نظيره البرتغالي، تعكس مرّة أخرى البعد الاستراتيجي للعلاقات الثّنائيّة، وتفتح آفاقًا جديدة لتعاون أكثر انخراطًا وفعّالية في القضايا الإقليميّة والدّوليّة المشتركة.