تواصل الولايات المتّحدة الأمريكيّة تحرّكاتها المكثّفة لإيجاد تسوية نهائيّة لقضيّة الصّحراء، من خلال الدّفع بمقترح الحكم الذّاتي الذي تطرحه الرباط باعتباره الإطار الواقعي والوحيد لإنهاء هذا النّزاع المفتعل المستمر منذ عقود.
وأكّد وزير الخارجيّة الأمريكي، ماركو روبيو، خلال الأشهر الأخيرة، أنّ واشنطن تنظر إلى الحكم الذّاتي تحت السّيادة المغربيّة باعتباره الحل الأكثر جدوى لضمان الاستقرار الإقليمي، في إشارة واضحة إلى التّوجّه الثّابت للإدارة الأمريكيّّة منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وكشفت صحيفة أفريكا إنتيلجنس أن الإدارة الأمريكيّة شرعت في مشاورات غير معلنة مع الجزائر، بهدف تجاوز حالة الجمود وإقناعها بالانخراط الجاد في مسار التّسوية الأممي، مشيرةً إلى أنّ هذه الوساطة تجري بعيدًا عن الأضواء وتضع الحكم الذّاتي المغربي في صلب النّقاشات.
وفي السّياق ذاته، كانت زيارة المستشار الأمريكي البارز مسعد بولس إلى الجزائر قد حملت الملف في صلب محادثاته مع المسؤولين هناك، قبل أن يصرّح لاحقًا في حوار صحفي بأنّ “الحل الوحيد” الذي تراه واشنطن للنّزاع يتمثّل في الحكم الذّاتي، باعتباره الضّامن الحقيقي للأمن الإقليمي.
ويأتي هذا الحراك الأمريكي قبيل اجتماع مجلس الأمن الدّولي المرتقب في أكتوبر المقبل، حيث يُنتظر أن يشهد التّقرير الدّوري حول الصّحراء نقاشًا أكثر زخمًا، لاسيما مع ترجيحات بتمديد مهمة بعثة “المينورسو” لسنة إضافيّة، وسط مؤشّرات على إمكانية إدراج لغة أوضح في دعم مقترح المغرب.
ويرى مراقبون أنّ عودة ترامب إلى الرّئاسة أعادت الزّخم إلى الموقف الأمريكي بخصوص الصّحراء، بما يفتح الباب أمام منعطف جديد في مسار النّزاع، في وقت تواجه الجزائر ضغوطًا متزايدة جرّاء تمسّكها بخيار “تقرير المصير”، مقابل الإجماع الدّولي المتنامي حول جديّة وواقعيّة مبادرة الحكم الذّاتي.