يُصادف الـ24 مارس من كل سنة، اليوم العالمي لمحاربة داء السُّل، الذي تُخلّده سائر دول العالم، ويُعد مناسبة سنويّة للإعتراف بالمجهودات الحثيثة للملكة، في مجال مكافحة هذا المرض الفتّاك، الذي يُعتبر واحدا من أبرز مشاكل الصحّة في العالم.

ووفقا لمنظّمة الصحّة العالميّة، فإنّ تخليد اليوم العالمي لمحاربة داء السُّل هذه السّنة، تحت شعار “نعم ! يمكننا القضاء على مرض السل !”، يحمل رسالة أمل تُبشّر بإمكانية العودة إلى المسار الصحيح ووقف الإنتكاس في جهود مكافحة السل، من خلال اِنخراط القادة على أعلى مستوى، وزيادة الإستثمارات، وتسريع اِعتماد التّوصيات الجديدة الصّادرة عن المنظّمة الأمميّة.

وتضيف المُنظّمة، أنّ تخليد هذه المناسبة السّنويّة، يأتي أيضا، بناءً على الإلتزامات التي قطعها رؤساء الدّول في اِجتماع الأمم المتّحدة الرّفيع المستوى لسنة 2023، من أجل تسريع وتيرة التّقدّم نحو القضاء على السُّل، ومدى تجسيد هذه الإلتزامات عبر اِتّخاذ إجراءات ملموسة.

وفي هذا السّياق، قالت إلهام السّنتيسي، طبيبة أخصائية في الأمراض الصّدريّة، إنّ ثلث سكّان العالم يحملون العدوى بالسُّل غير النّاشط، مبرزة أنّ نسبة من هذه الحالات تتطوّر إلى السُّل النّاشط لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. وسجّلت السيّدة السّنتيسي، التي تشغل كذلك منصب الكاتبة العامّة للعصبة المغربيّة لمحاربة داء السُّل، في تصريح لـ”وكالة المغرب العربي للأنباء”، أنّ العوامل المسبّبة للإصابة بهذا المرض تتوزّع بين العدوى ونقص المناعة.

ولفتت السّنتيسي، إلى أنّ مرض السُّل قد يُصيب أعضاء أخرى في جسم الإنسان، مثل الكلي، والعمود الفقري والدّماغ، كما ذكّرت بمختلف أعراض هذا الدّاء، بما في ذلك السعال لأكثر من أسبوعين، والسعال المصحوب بإفراز الدم، وآلام الصدر، والإرهاق، وضيق التنفس، وفقدان الشهية، وفقدان الوزن، والحمى الخفيفة في آخر النّهار، والتّعرّق الليلي والقشعريرة.

وأشارت الطّبيبة، إلى وجود نوع من السُّل يصيب الماشية في معظم الأحيان، مؤكّدة أنّ هذا الأخير قد يسبّب العدوى عند الأشخاص الذين يستهلكون الحليب غير المبستر من الأبقار المصابة بداء السُّل.

وأوضحت الطبيبة، في سياق سُبُل الوقاية من الإصابة بهذه الآفة الصحيّة، أنّ هذه السُّبل تتمثّل بشكل أساسي في الكشف والعلاج المبكّريْن لتفادي اْنتشار المرض وحدوث مضاعفات، والتّحسيس والتّواصل، مع إشراك مختلف مكوّنات المجتمع المدني. وأشارت السيدة السنتيسي، في نفس الإطار، إلى اِرتكاز سُبُل الوقاية من الإصابة على ثلاث مقاربات تهم الأشخاص الأصحّاء، والأشخاص المصابين وكذا فعّاليات المجتمع المدني.

وفي ما يخص الأشواط التي قطعتها المملكة، في مجال مكافحة هذا المرض، أكّدت الكاتبة العامة للعصبة المغربيّة لمحاربة داء السُّل أنّ المغرب بذل مجهودات كبيرة جدّا، تتجلى أساسا، في اِعتماد البرنامج الوطني لمحاربة داء السُّل، الذي يعتبر “برنامجا صحيّا جيّد التّنظيم وذا أولويّة”. وأبرزت أنّ هذا البرنامج، الذي تشرف عليه وزارة الصحّة والحماية الإجتماعيّة، يقوم على التّحسيس من أجل الكشف المبكّر، والتّوعية بعدم توقيف الدّواء في حالة شعور المريض بتحسُّن، علاوة على دعوته إلى عدم تهميش الفئات المصابة.

وأشارت نفس المُتحدّثة، إلى أنّ المغرب يتوفّر على ما مجموعه 60 مركزا لتشخيص داء السُّل والأمراض التّنفسيّة، عبر المملكة، مكلفة بجميع الخدمات من تطعيم عند الولادة، والوقاية، والكشف، والعلاج، إضافة إلى التّكفُّل بمرضى داء السُّل ومجّانية جميع الخدمات، مُسجّلة أنّ مكافحة هذا الدّاء هي مسؤوليّة الجميع، بما في ذلك المواطنين ومختلف القطاعات الوزاريّة المعنيّة.

وتجدر الإشارة، إلى أنّ وزارة الصحّة والحماية الإجتماعيّة، أطلقت في فاتح نونبر المنصرم، الحملة الوطنيّة للوقاية من مرض السُّل ومحاربته، تحت شعار “تنفّس الحياة .. حارب داء السُّل”، وذلك من أجل رفع مستوى الوعي، وتعزيز التّشخيص المُبكّر في حالة ظهور علامات تُشير إلى الإصابة بمرض السُّل، لتجنُّب المضاعفات والوفيات التي قد تحدث في حالة التّأخُّر في اِكتشاف المرض.

إلى ذلك، تهدف هذه الحملة، التي اِمتدّت على ستّة أسابيع، إلى تعزيز العلاج الوقائي للمرض في أوساط المجموعات المعرّضة لخطر العدوى، مع تأكيد الوزارة أنّ جميع الخدمات في مجال مكافحة السُّل، يتم تقديمُها مجّانا على مستوى هياكلها، وكذا المراكز الصحيّة المندمجة، ومراكز تشخيص وعلاج أمراض الجهاز التّنفّسي.