تشهد جبهة البوليساريو الإنفصاليّة ضغوطًا متصاعدة على عدّة أصعدة، إذ لم يعد التّحدّي يقتصر على المجال السّياسي والدّبلوماسي فحسب، بل امتدّ ليشمل الميدان، حيث تواجه اليوم تضييقات قويّة من الجانب الموريتاني.
في خطوة استراتيجيّة، شرعت نواكشوط في تعزيز مراقبة وتأمين حدودها الشّماليّة التي تمتد إلى الجزائر والمغرب، مغلقةً بذلك المنافذ الأخيرة التي كانت تستخدمها ميليشيات البوليساريو للعبور وتنفيذ هجمات ضد المواقع المغربيّة.
وأكّدت مصادر عسكريّة موريتانيّة، أنّ دوريّة للجيش اعترضت مؤخّرًا مجموعة من عناصر البوليساريو الذين حاولوا التّسلّل إلى الأراضي الموريتانيّة مستخدمين مركبات تحمل لوحات تسجيل موريتانيّة، وملابس مدنيّة، لكن بفضل طائرات مسيّرة متطوّرة رُصدت تحرّكاتهم وأُجبروا على التّراجع والعودة إلى مخيّمات تندوف.
يأتي هذا التّطوّر عقب قرار موريتاني صارم اِتُّخذ في 21 مايو بإغلاق منطقة “لبريكة” الحدوديّة مع الجزائر، التي كانت تعتبر معبرًا حيويًّا للجبهة الإنفصاليّة، ورفض الرّئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بشكل قاطع، طلبًا من البوليساريو لإلغاء هذا القرار.
ويُعتقد أن تعزيز القدرات الأمنيّة الموريتانيّة، مدعومًا بتقنيات طائرات “درونز” حديثة من طراز BZK-005 صينيّة الصّنع، جاء بدعم أوروبّي ضمن خطّة موسّعة لتأمين الحدود، تشمل أيضًا دولًا أخرى مثل تشاد.
ورغم محاولات البوليساريو لاحتواء الأزمة عبر إرسال وفد رسمي إلى نواكشوط حاملاً رسالة من زعيمها إبراهيم غالي، فإنّ اللّقاء الذي حضره مسؤولون أمنيّون رفيعو المستوى يُعد دليلاً على حساسية الوضع الأمني المتفاقم عند الحدود.
هذا التّصعيد يعكس تحوّلًا ملموسًا في موقف موريتانيا التي تعزّز تقاربها مع المغرب، ما يُسهم في تضييق الخناق على البوليساريو ومنع أي عمليّات تسلّل نحو الصّحراء المغربيّة.
ومع استمرار دعم المجتمع الدّولي، الذي شهد مؤخّرًا انضمام بريطانيا إلى صفوف المؤيّدين لمبادرة الحكم الذّاتي المغربيّة، يُتوقّع أن تعاني جبهة البوليساريو من عزلة أكبر وتراجع في نفوذها الميداني والدّبلوماسي.