لم يعد مسموحاً في عصرنا هذا، الجهل المتزايد حول الأمراض النفسية أو نكرانها، فالكثير من هذه الأمراض تتفاقم بعد الإصرار على تجاهلها من قبل كافة الفئات العمرية، و يجب التنبه إلى أن هذه الأمراض تطبع شخصية الإنسان وتلازمه في حياته الشخصية والإجتماعية.

ويعتبر “الخجل المبالغ فيه” مرض نفسي منتشر، يجهله الكثير من الناس حتى المصابين به، ويُعتبر من أكثر الإضطرابات النفسية شيوعاً في مجتمعنا.

وبحسب ذلك، يرى أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس “فاضل عبدالمعز”، أن مشكلة الخجل الإجتماعي أو الخوف من المجتمع تظهر بشكل أكبر في فترة المراهقة مع احتمال ظهورها قبل أو بعد هذه السن، وهناك الكثير من الأشخاص يعانون من هذه المشكلة في صمت لأعوام طويلة، ولكنهم يبدؤون في طلب المساعدة في حالة تزايد الحالة إذ إنها قد تسبب بعض المشكلات أو الأزمات في الحياة.

من جانبها تعتبر أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس “سعاد شعبان”، أن الخجل المرضي هو الخجل الذي يؤذي صاحبه ويسبب له الإحباط والفشل ويضيع عليه الفرص المهمة في حياته، ومن علاماته أن ترى الشخص الخجول يعجز عن الكلام عند تبادل الأحاديث أو يصاب بالتلعثم والتأتأة والحيرة، ولا يدري ماذا يفعل وتجد العرق ينساب على وجهه ويشعر بالضيق ويريد الهروب أو الانصراف أو إنهاء هذا الموقف، ولا يستطيع أن يفكر أو يتحدث بمنطق ولا تفكير سليم مستقل، وتجده يتوقع الشر دائما.

وتضيف “سعاد شعبان”، عن الأسباب التي تجعل الإنسان خجولا بشكل مرضي وقد يخفي عدوانية صامتة داخله لأن التربية بأسلوب عنيف في الأسرة، هي أهم الأسباب حيث يمارس على الطفل منذ سنواته الأولى الزجر والسخرية والتعنيف اللفظي والمادي، ويتعرض بشكل مكرر إلى النقد المستمر والضرب والتوبيخ والتأنيب.

وتشير “شعبان”، إلى أن سيطرة الآباء على كل تصرفات الطفل وتفكيره والمقارنة والموازنة بينه وبين طفل آخر لتحفيزه ينعكس سلبيا على شخصيته، ويحط من قيمته ويثبط همته فيشعر بالضعف أو النقص ما يؤدي إلى انخفاض نشاطه وجرأته ويتسبب له في التأخر الدراسي مثلا، كما أن كثرة الخلافات وخاصة بين الوالدين تؤثر عليه وتشعره بالعجز.

وعلاوة على ذلك، تحذر “شعبان” من شجار الوالدين أمام أبنائهم وتدعوهم إلى تشجيع الصغار دوما، وتحفيزهم والثناء عليهم مع تجنب التعامل معهم بقسوة حتى ينشأ الأطفال نشأة صحية.