عادت قضية تصفية “حمدي ولد اعلي سالم ولد محمد يحظيه” الملقب بـ”اصيهب”، و أحد ضحايا معتقلات التعذيب التي تديرها البوليساريو في مخيمات تندوف إلى الواجهة، بعد إطلاق دعوات حقوقية جديدة لفتح تحقيق دولي مستقل حول الفظاعات المرتكبة هناك.

“اصهيب” الذي كشف تقارير مستجدة، عن  إعتقاله دون محاكمة لأسباب قبلية سنة 1975، قد تعرضه لجلسات تعذيب تضمنت التنكيل و العقاب، بصور فظيعة من جملتها التعليق في السماء وتقييد الأطراف وشد الرأس بالقطبان و الجلد، التي تعتبر من بين الممارسات المجرمة دولياً، بالنظر لحقوق السجين، و الحق في المحاكمة العادلة و الكرامة الإنسانية؟

السجن المظلم، أو كما يطلق على سجن الرشيد،  المجمع الثاني، و الذي يقع على بعد 50 كلم جنوب شرق “تندوف”، المنشأة التي أشبه ما تكون إلى قبور من من الإسمنت المسلح التي لا تتوفر على أدنى شروط الكرامة الإنسانية و المعاملة اللائقة، شهدت الواقعة التي أدت إلى وفاة “حمدي ولد اعلي سالم” سنة 1988، بعد أن حرم من التطبيب والتغذية وأبسط الحقوق الإنسانية.

الأصوات الحقوقية طالبت المنتظم الدولي، بالضغط على البوليساريو للكشف عن مصير جثة الضحية؛ قبل عرضها على التشريح للكشف عن ما تعرضه له من تعذيب، ومتابعة المتورطين ومحاسبتهم على جرائمهم، في حق العديد من سجناء الرأي و الموقف في عشرات الحالات العديدة التي تم تسجيلها، من بين أخرى قد تبقى طي الكتمان.

هذا الوعي بحسب الباحثة في العلاقات الدولية و الناشطة بقضية الصحراء، الأستاذة “ياسمين الحسناوي”، انبثق من السياسة الاستبدادية و الدكتاتورية التي تفرضها جبهة البوليساريو منذ أكثر من 40 سنة، فضلاً عن الوهم الذي لا تزال تحاول تسويقه، و عاشت فيه ساكنة مخيمات “تيندوف” التي تجردت من كل حقوقها، مع ظروف قاسية تحت رقابة قيادة مستبدة.
.
هذا الوضع الشنيع تضيف “الحسناوي” في مخيمات تندوف، أحدث حالة من الاحتقان و اليأس من طرف الساكنة، و بخاصة الشباب الصحراوي الذي بات يرفض المشاركة في اللعبة السياسية للجبهة، تلك  المفروضة من طرف القادة الجزائريين، كما هو الحال مع عدد من  النشطاء داخل المخيمات، الذي عبروا أكثر ما مرة عن رفضهم المشاركة في المؤتمرات البوليساريو ، اللي تبين بالملموس أنها كانت فاشلة، و لأنه قد تم فضح جرائم البوليساريو و الاختطفات التي قامت بها الجبهة للنشطاء و الشباب الصحراوي، أصبح من المنطقي القول أن الجميع عرف حقيقة اللعبة الجزائرية.

أما عن  التقارير الدولية التي ما فتئت تدين هذه الجرائم، فقد أكدت كل المعطيات وجود ارتباط وثيق بين جبهة البوليساريو، و عدد من التنظيمات الإرهابية، التي تمارس الاتجار الدولي في المخدرات، مما أصبح معه وجودها فعلياً يخلق تهديد لامن منطقة الساحل و جنوب الصحراء بأكملها .

و بخصوص إسهام الجهود الحقوقية في تعرية الواقع المر لسكان مخيمات تيندوف، اعتبرت الأستاذة “ياسمين الحسناوي” دائماً، أن جهود الفعاليات المدنية و الحقوقية المغربية أو الدولية، خلقت دينامية تحركات مهمة، داخل المغرب أولاً بتوعية المواطن المغربي بخصوص إنتهاكات و جرائم البوليساريو، و على الصعيد الدولي ثانياً بخصوص مسائلة حكومات و أنظمة تدعم إنفصالي تيندوف، فضلاً عن تعرية الواقع في عديد المؤتمرات و المحافل الدولية الحقوقية و في مقدمتها تلك المنعقدة بالعاصمة جينيف.

وهو ما بات معك من الصعب الإستمرار في تمرير ذات الأوهام، التي يلاقي مرارتها قرابة الـ45 ألف من محتجزي مخيمات تيندوف، في إنتظار أن تنخرط كبريات المنظمات الحقوقية كـ”هويمان رايس وتش” و “أمنستي”، التي تقف اليوم أمام اختبار حقيقي لمصداقيتها.