منذ بداية الموسم الدراسي الحالي بدأ يظهر جلياً توجّه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نحو الاعتماد على اللغة الإنجليزية بشكل أوسع خلال السنوات المقبلة، وهو ما أكده أيضا الوزير الوصي على القطاع شكيب بنموسى، في ندوة صحافية عقدها شتنبر الماضي بالرباط، بمناسبة الدخول المدرسي.

وقال بنموسى إن الوزارة تولي أهمية كبيرة لتدريس اللغة الإنجليزية التي يتم تدريسها حاليا في 2000 مؤسسة، يدرّس بها قرابة 9 آلاف أستاذ، مبرزا أنها واعية بأهمية تدريس الإنجليزية وتمكين التلاميذ منها، ومشيرا في الوقت ذاته إلى انطلاق مشاورات بخصوص توسيع تدريسها في السلك الإعدادي.
وفي السياق ذاته، أعلن فؤاد شفيقي، مدير مديرية المناهج والمفتش العام للشؤون التربوية بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الثلاثاء الماضي في تصريح تلفزي، اعتزام الوزارة إطلاق مشروع تدريس اللغة الإنجليزية في جميع مستويات الإعدادي انطلاقا من الموسم الدراسي المقبل على مراحل.

وأثارت هذه التصريحات تفاعلاً واسعاً في صفوف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، معبّرين عن إشادتهم بهذه الخطوة التي وصفها بعضهم بـ”الضرورية والملحّة”، لمواكبة تطور العلوم على المستوى الدولي، كما ربطها البعض بمضي المغرب نحو التقليل من اعتماده على اللغة الفرنسية التي وصفوها بـ”المتجاوزة”، بينما يصفها آخرون بـ”لغة المستعمر”.

وتفاعلا مع هذا النقاش، قال لحسن مادي، الخبير في علوم التربية، إن “تعلّم اللغات مسألة أساسية ومهمة ولا يجب أن يقتصر على لغة واحدة، باعتبار كل لغة مفتاحا للتواصل مع جانب من هذا العالم المعقد والصعب، الذي يزداد تعقيدا يوما عن يوم”.

وأضاف مادي، ضمن تصريح لأخبار تايم، أنه بدأ يتّضح أن “الهيمنة ستكون مستقبلاً لصالح اللغة الإنجليزية، في التواصل والعلم والمعرفة والتنمية بصفة عامة”، مؤكدا أن المغرب “لا يجب أن يتخلّف عن هذا التوجه”.

وأشار المتحدث في هذا السياق إلى أن تصريحات بنموسى وشفيقي توحي بأن هناك رؤية متكاملة وواضحة لدى وزارة التربية الوطنية للانخراط في هذا التوجه، وزاد: “لذلك نحن كتربويين يشتغلون في مجال التربية والتدريس وتكوين المدرّسين لا يمكننا إلا أن نرحّب بهذه الخطوة لكي نربح –على الأقل- ما خسرناه بالاعتماد على الفرنسية بعدما بدأ يتّضح أن العالم يجتاز هذه اللغة”.

ودعا المتخصّص في علوم التربية إلى إعطاء المكانة للغة الإنجليزية في المناهج التعليمية المغربية، لكن دون إهمال اللغة العربية بوصفها جزءا مهما وكبيراً من الهوية المغربية، وتسمح بالتواصل بين جميع أفراد المجتمع.

من جانب آخر، يرى لحسن مادي أن الحديث عن زيادة الاعتماد على اللغة الإنجليزية في المنظومة التعليمية المغربية “سيبقى كلاما طوباوياً إذا لم نأخذ بعين الاعتبار الإمكانات والشروط الضرورية لتنزيل ذلك على أرض الواقع”.

وأوضح الخبير ذاته أن الانتقال إلى اللغة الإنجليزية “يتطلّب أولا تكوين مدرّسين أكفاء في هذا المجال، وإعداد برامج جيّدة للمادة وتهييء المناخ العام، كالفضاءات وغير ذلك من الوسائل التعليمية الضرورية المعنوية والمادية للدخول في هذا المشروع، واعتباره مشروعاً مجتمعياً ينخرط فيه جميع المتدخّلين من تربويين وجمعويين وسياسيين”.