تجميد العضوية في أي تنظيم سياسي حزبي، هل يتعارض ذلك و مسؤوليات المجمد نشاطه في الجماعات الترابية،و الهيئات المنتخبة؟ ؛ سؤال عاد ليطرح من جديد بعد قرار الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بجهة العيون الساقية الحمراء، اليوم الاثنين تجميد عضوية السيد “خديجة أبلاضي”، و إحالة البت النهائي في موضوعها على أنظار هيئة التحكيم الجهوية.

إجراء يعيد للأذهان حالات أخرى، همت ممثلي أحزاب سياسية بمجلس جهة كليميم واد نون في ذات السياق، بعد ان انتقلوا من الأغلبية المشكلة للمجلس نحو المعارضة، ليتم شطبهم من أجهزة حزب التجمع الوطني للأحرار، قبل إقامة دعوى إدارية لإلغاء عضويتهم بذات المجلس، بحجة الترحال السياسي الذي قطع معه القانون المنظم للأحزاب.

لكن ما أكده حكم المحكمة الإدارية آنذاك، أن “الترحال” لا يفهم في سياق انتقال عضو من حزب لآخر بعد شطبه من حزبه الأصلي، بل تخليه بمحظ إرادته عن مظلة ذلك الحزب لصالح الانتقال لآخر، اجتهاد قضائي وضع النظم الأساسية للأحزاب، موضع سؤال قانوني جوهري، خاصة أن تدابيرها لا تؤخذ على محمل القواعد القانونية الآمرة، فمهما يكن تبقى خاضعة للطعن الإداري القضائي.

حالة المستشارة “أبلاضي” التي تطالعنا اليوم، تبرز بوصفها عضواً  بالمجلس البلدي لمدينة العيون، الجماعة الترابية التي يرأسها السيد “سيدي حمدي ولد الرشيد” عن حزب الاستقلال وبأغلبية مريحة، قوامها 29 مقعداً، مقابل ثماني مقاعد للتجمع الوطني للأحرار و 6 أخرى للعدالة و التنمية، ثم أربع مقاعد لحزب التقدم و الإشتراكية. فهل يشكل تعليق عضوية “أبلاضي” عائقاً أمام استمرار عضوبتها بالمجلس ؟ و إن سقطت عنها مظلة العدالة والتنمية أيصبح تغييرها أمراً متاحاً؟

القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية .. الرؤية الواضحة

بالرجوع إلى القانون رقم 113.14 المنظم للجماعات الترابية، و بالخصوص المادة 51 منه: ” … طبقا لأحكام المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، يجرد العضو المنتخب بمجلس الجماعة الذي تخلى خلال مدة الانتداب عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه من صفة العضوية في المجلس..”،  تحيلنا منطوق المادة على صفة واحدة يعترف لها القانون بحالة التنافي أو بطلان الصفة التمثيلية، وهي حالة “التخلي” ، فهل تخلت “أبلاضي” عن انتمائها ؟ إلى حين أن تفكر في ذلك . ستكون عضويتها مستمرة داخل المجلس البلدي، بل ويمكن لها في حال تم التشطيب على عضويتها من الحزب بشكل نهائي، أن تفكر في خياري الإستمرار بدون انتماء، أو الالتحاق بأي مظلة سياسية مغايرة.

الاجتهاد القضائي و دعوى إلغاء مقررات التنظيمات السياسية الحزبية

لا شك أن قرارات الأحزاب هي الأخرى يمكن أن تكون موضع تنازع، و أمثلة ذلك عديدة على مستوى ممارسة القضاء الإداري المغربي، خاصة في ما يتعلق بالطعن في الإجراء، أو حتى في النظام الأساسي بحد ذاته. كما هو الحال في المثالين السابقين بالذكر، يسهم القضاء الإداري بلا شك في إثراء الممارسة السياسية، وكذا الرقابة على الإجراءات التي تتخذها الأحزاب.

بتجميد عضويتها تنضم “أبلاضي” إلى “عبد العزيز أفتاتي” و البرلماني الأسبق “أحمد بوخبزة” المبعدين، فهل يتعلق الأمر بممارسة قانونية داخلية عادية، أم بتداعيات سياسية تضرب في عمق مرجعية حزب يتقدم الأغلبية السياسية الحاكمة في المغرب لولاية ثانية متوالية؟ هل هو صراع الأجنحة مركزيا ي يلقي بارتداداته على مستوى الهياكل الجهوية و المحلية؟ أم الحديث عن توظيف النظم القانونية الحزبية في صراعات ثنائية، بدل الاحتكام للنقاش و تفعيل البرامج و الشعارات السياسية؟