أحدث غياب الرّئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الواجهة العلنيّة خلال الأسابيع الأخيرة تساؤلات متزايدة، خاصّةً مع تزامنها مع أزمات النّقل والمرافق العموميّة، مكتفيةً الرّئاسة ببيانات مكتوبة وصور أرشيفيّة. لكن صبيحة اليوم الخميس، فجّر قصر المرادية مفاجأة سياسيّة بإعفاء الوزير الأوّل نذير العرباوي وتكليف وزير الصّناعة سيفي غريب بتسيير الحكومة بالنّيابة، في خطوة تعكس توجّهًا لتنفيذ سريع للقرارات الرّئاسيّة الحاسمة.

ويأتي هذا التّغيير بعد أيّام قليلة من حزمة قرارات عاجلة لمعالجة أزمة النّقل الحضري، شملت استيراد عشرة آلاف حافلة جديدة خلال ستة أشهر وسحب الأسطول المتهالك الذي تجاوز عمره 30 سنة، وإصلاحات في تشريعات رخص السّياقة والسّلامة الطّرقيّة، ما يفسّر اختيار وزير الصّناعة لتولّي المسؤوليّة التّنفيذيّة مؤقّتًا.

سيفي غريب، الحاصل على دكتوراه في الكيمياء الفيزيائيّة للمواد، يمتلك خبرة واسعة في إدارة مجمّعات صناعيّة وطنيّة، وتولّى حقيبة الصّناعة والإنتاج الصّيدلاني منذ نوفمبر 2024. تكليفه اليوم يضعه في قلب تنفيذ مشاريع ضخمة ذات أبعاد ماليّة ولوجستيّة واسعة، مع الاحتفاظ بمهامه القطاعيّة، وهو ما يجعل منه محور المرحلة المقبلة.

أما نذير العرباوي، الذي قاد الحكومة لمدّة عاميْن، فقد شهدت ولايته سلسلة تعديلات وزاريّة وإعادة توزيع للحقائب في ظل تركيز السّلطة على رئاسة الجمهوريّة، ما يعكس نمط إدارة مركزيّة للقرارات الأساسيّة، مع تقييد هامش التّأثير للحكومة على السّياسات الكبرى.

ويُنظر إلى هذا التّعيين في سياق استمرار تبون في غيابه عن المشهد العلني، الأمر الذي زاد من حالة الغموض حول موازين السّلطة داخل قصر المرادية، وسط ترقّب شعبي وسياسي لقدرة الفريق المؤقّت على تنفيذ الحزمة الرّئاسيّة الطّارئة وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وتمثّل الأسابيع المقبلة اختبارًا حقيقيًّا لكفاءة الحكومة المؤقّتة في إدارة ملفّات حسّاسة، من توريد الحافلات إلى إصلاحات المرور والرّقابة المهنيّة على السّائقين، وسط تساؤلات حول مدى فعّالية الإدارة التّنفيذيّة وقدرتها على ضمان استمرارية السّياسات في ظل غياب مباشر للرّئيس.