في قراءة جريئة للعلاقات الفرنسيّة الجزائريّة، كشف السّفير الفرنسي السّابق في الجزائر، كزافيي دريينكور، عن صورة قاتمة للنّظام الجزائري، معتبراً إيّاه في “أضعف لحظاته الدّبلوماسيّة”، وداعياً باريس إلى مراجعة شاملة لسياستها الخارجيّة تجاه الجزائر، التي وصفها بـ”العمى المزدوج”.

وفي مؤلّفه الجديد “فرنسا – الجزائر: العمى المزدوج”، الذي يتزامن صدوره مع توتّر متصاعد في العلاقات بين البلديْن، ينتقد دريينكور السّياسة الفرنسيّة المعتمدة منذ استقلال الجزائر سنة 1962، متّهماً إيّاها بتجاهل النّفوذ المتنامي للمؤسّسات الأمنيّة الجزائرية والتغاضي عن انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان.

ويصف المؤلّف الوضع القائم بين باريس والجزائر بأنّه الأخطر منذ الاستقلال، محمّلاً النّظام الجزائري مسؤولية تصدّع العلاقات، بسبب اعتماده على “الرّيع التّذكاري” لتأجيج العداء التّاريخي لفرنسا، واستعمال الإعلام المحلّي كسلاح في يد السّلطة.

ويذهب دريينكور أبعد من ذلك، منتقداً صمت الدّبلوماسيّة الفرنسيّة حيال ما وصفه بـ”التّزوير الانتخابي” والانتهاكات الممنهجة لحريّة التّعبير، بينما تواصل الولايات المتّحدة وبريطانيا إبداء مواقف واضحة من هذا الملف.

ويكشف السّفير السّابق عن تقلّص الحلفاء الإقليميّين للنّظام الجزائري، مشيرًا إلى خسارته لمواقع استراتيجيّة في مالي وليبيا، وتدهور علاقاته مع الإمارات، وقطع كل خيوط التّواصل مع المغرب. كما سلّط الضّوء على فشل الجزائر في دخول مجموعة “بريكس”، وتخوّفها من تبدّل مواقف موسكو بعد تجربة دمشق.

الكاتب تطرّق كذلك إلى قضيّة اعتقال الكاتب بوعلام صنصال بعد عودته إلى الجزائر، بسبب موقفه من قضيّة الصّحراء، واصفًا هذا الاعتقال بأنّه “خط أحمر” كشف حدود التّسامح في خطاب النّظام.

وفي ختام مؤلّفه، دعا دريينكور إلى ضرورة إعادة هيكلة العلاقة مع الجزائر، من خلال التّمييز بين النّظام والشّعب، وبناء علاقات قائمة على المصالح المتبادلة لا على إرث الماضي أو إكراهات اللّوبيات الانتخابيّة.