تعيش السّاحة السّياسيّة في جنوب إفريقيا على وقع توتّرات متصاعدة داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، في وقت يقترب فيه عهد الرّئيس الحالي سيريل رامافوزا من نهايته، وتتّجه الأنظار نحو مؤتمر 2027 الحاسم، الذي سيحدّد من سيقود الحزب الحاكم منذ سقوط نظام الفصل العنصري.

ومع تراجع شعبيّة الحزب بشكل غير مسبوق، عقب خسارته للأغلبيّة البرلمانيّة لأوّل مرّة منذ ثلاثة عقود خلال انتخابات ماي 2024، تتكثّف التّحالفات الدّاخليّة استعدادًا لاجتماعات منتصف الولاية، التي ستكون بمثابة “بروفة” لفرز موازين القوى قبل المؤتمر الانتخابي الـ56 المرتقب.

وتُطرح أسماء بارزة في سباق الزّعامة، على رأسها نائب الرّئيس بول ماشاتيل، الذي يجد نفسه في موقف صعب رغم مكانته الدّستوريّة، بسبب شبهات الفساد التي أُحيل بشأنها للجنة النّزاهة الحزبيّة. وفي المقابل، يبرز كل من فيكيلي مبالولا، الأمين العام للحزب، وبانيازا ليسوفي، رئيس حكومة مقاطعة غوتنغ، كأبرز المرشّحين المحتملين لتولّي المشعل.

ويشير محلّلون إلى تبلور تيّاريْن متنافسيْن داخل الحزب؛ الأوّل يلتف حول ماشاتيل ويسعى لتشكيل تحالف مع ليسوفي، فيما يحظى مبالولا بدعم بعض القيادات الجهويّة. في هذا السّياق، يرى الخبير السّياسي دومينيك مافاكا أنّ ماشاتيل يفتقر إلى الرّؤية والرّصيد السّياسي الكافي لإقناع قواعد الحزب، بينما يعتبر المحلّل دانيال سيلك أنّ النّقاش حول خلافة رامافوزا لا يزال مبكّرًا، في ظل غياب أي توافق داخلي واضح.

وفيما تستمر حالة التّرقّب، يُنظر إلى السّباق الدّاخلي على أنّه اختبار مصيري لحزب نيلسون مانديلا، الذي بات اليوم مطالبًا بإعادة بناء صورته المهزوزة، واستعادة ثقة النّاخبين وسط مشهد سياسي متحوّل، زادت تعقيداته بفعل التّحالفات الضّروريّة لتشكيل الحكومة الائتلافيّة الحاليّة.