في سابقةٍ بتاريخ الجمهورية الفرنسيّة والاتّحاد الأوروبي عمومًا، يستعد الرّئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لدخول السّجن يوم الثّلاثاء المقبل، تنفيذاً لحكم قضائي يقضي بحبسه خمس سنوات، بعد إدانته بالحصول على تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية عام 2007، من مصادر مرتبطة بالنّظام اللّيبي السّابق.

ومن المنتظر أن يقضي ساركوزي عقوبته داخل سجن “لا سانتي” في باريس، وسط إجراءات أمنيّة مشدّدة تشمل عزله عن باقي السّجناء، منعًا لأي احتكاك مباشر وضمانًا لسلامته الشّخصيّة، بالإضافة إلى فرض قيود صارمة على اتّصالاته ومنع التّصوير داخل المؤسّسة السّجنية.

فور دخوله السّجن، يعتزم فريق الدّفاع عن الرّئيس الأسبق التّقدّم بطلب للإفراج المؤقّت في انتظار ما ستقرّره محكمة الاستئناف خلال الشّهريْن المقبليْن. ورغم تشبّثه ببراءته، أكّد ساركوزي احترامه لمبدأ سيادة القانون، لكنّه شبّه قضيّته بعدد من القضايا الرّمزيّة التي طالت شخصيّات أُدينت ظلمًا في التّاريخ الفرنسي، مثل ألفريد دريفوس والبطل الأدبي إدمون دانتيس.

وبحسب حيثيّات الحكم، فقد استندت المحكمة إلى ما وصفته بـ”خطورة الوقائع” لتبرير تنفيذ العقوبة دون انتظار البت في الاستئناف. كما أكّدت أنّ التّحقيق كشف عن شبكة ماليّة معقّدة هدفت إلى دعم الحملة الانتخابية لساركوزي، رغم عدم إثبات انتقال مباشر للأموال من ليبيا إلى حساباته.

وتتعلّق القضيّة بمحاولات تنسيق أجراها معاونون مقرّبون من الرّئيس الأسبق مع مسؤولين في نظام معمر القذافي، للحصول على دعم مالي غير مشروع للحملة، ما اعتبرته المحكمة تجاوزًا خطيرًا للأعراف الدّيمقراطية وقوانين تمويل الانتخابات.

ويمثّل هذا الإجراء القضائي محطّة تاريخيّة غير معهودة في السّياسة الفرنسيّة، كونه أوّل تنفيذ فعلي لحكم بالسّجن على رئيس سابق في البلاد، ممّا يكرّس تحوّلاً واضحًا في تعامل القضاء مع قضايا الفساد على أعلى المستويات.