في سياق ظرفي دولي يتّسم بعدم اليقين، تتوقّع المندوبيّة السّامية للتّخطيط أن يسجّل الاقتصاد المغربي نموًّا يُقدّر بـ4.4 في المائة خلال الفصل الثّالث من سنة 2025، مدعومًا بدينامية داخليّة متواصلة، رغم التّحدّيات التي تفرضها التّحوّلات التّجاريّة الدّوليّة.

وتُظهر معطيات المندوبيّة، ضمن مذكّرة ظرفيّة حول مستجدّات وتوقّعات الاقتصاد الوطني، أنّ الزّخم الإيجابي الذي شهده مطلع العام مستمر، وإن كان بوتيرة أكثر اعتدالًا، مدفوعًا بانتعاش تدريجي في الاستثمار والاستهلاك، إضافةً إلى أداء جيّد للأنشطة غير الفلاحيّة، التي يُنتظر أن تسجّل ارتفاعًا سنويًّا بنسبة 4.2%.

ورغم هذه المؤشّرات الواعدة، تُلقي التّوتّرات التّجاريّة بظلالها على توقّعات النّمو، خصوصًا في ظل فرض الولايات المتّحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، لرسوم جمركية جديدة على وارداتها من أوروبّا. خطوة من شأنها أن تؤثّر على الطّلب الخارجي على المنتجات المغربيّة، خاصّةً في قطاعات حيويّة كصناعة السيّارات والصّلب والنّسيج والصّناعات الكيماويّة.

وعلى المستوى الدّاخلي، يظل الطّلب المحلّي رافعة أساسيّة للنّمو، متوقّعًا أن يُسهم بـ6.6 نقاط خلال الفصل ذاته. كما يُرتقب أن يستمر معدّل التّضخّم في الانخفاض، ليبلغ 1.1 في المائة، بفضل تراجع أسعار النّفط وتوازن نسبي في سوق المواد الغذائيّة.

لكن السيناريو لا يخلو من الهشاشة، إذ يشير التّقرير إلى إمكانية تراجع مردودية القطاع الفلاحي، لا سيما في حال تكرّرت موجات الحرارة خلال فصل الصّيف، ما قد يُضعف الإنتاج الحيواني بشكل أكبر.

في المقابل، تعوّل التّوقّعات على انتعاش الصّناعات الغذائيّة، بدفع من أنشطة تحويل الحبوب وتعليب الأسماك، إلى جانب استمرار الأداء الإيجابي لسلاسل الإنتاج الكيميائي، كعوامل تُمكّن من امتصاص الصّدمات الخارجيّة وتعزيز النّشاط الصّناعي.

كما أنّ أي انخفاض إضافي في أسعار النّفط، إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، سيُسهم في احتواء الضّغوط التّضخميّة ودعم استقرار النّمو، شريطة عدم وقوع تطوّرات جيوسياسيّة مفاجئة على الصّعيد العالمي.