أعلن فرحات مهني، رئيس حركة تقرير مصير منطقة القبائل (MAK)، اليوم الأحد بالعاصمة الفرنسية باريس، ما وصفه بالميلاد الرّسمي لكيان سياسي جديد تحت مسمّى “الجمهورية الفدرالية للقبائل”، في خطوة تمثّل تصعيدًا لافتًا في مسار الحركة الانفصالية عن الدّولة الجزائرية.

وجرى الإعلان خلال تجمّع محدود نظّم في أحد فنادق باريس، بعدما كانت السّلطات الفرنسية قد منعت، لدواعٍ أمنيّة، احتضان الحدث في قصر المؤتمرات بمدينة فرساي. ورغم هذا القرار، تمكّنت الحركة من تنظيم المراسم في موقع بديل، عقب لجوئها إلى مسطرة قضائية استعجالية للطّعن في قرار المنع.

وشارك في هذا اللّقاء عدد من قيادات وأنصار حركة تقرير مصير القبائل، إلى جانب شخصيّات محسوبة عليها، حيث اعتُبر الحدث إعلاناً “احتفالياً ورمزيًّا” لِما تصفه الحركة باستقلال منطقة القبائل وإرساء إطار سياسي جديد يحمل صفة “الجمهورية الفدرالية”.

وأكّدت الحركة، في بيانات تلت الإعلان، أنّ تنظيم المراسم تمّ رغم ما وصفته بضغوط سياسية ومحاولات عرقلة، معتبرةً أنّ إقامة الحدث في موعده المحدّد سلفًا يشكّل رسالة سياسية تعكس تمسّكها بخيار الانفصال، ولو في صيغة تنظيمية مغايرة لِما كان مخطّطًا له في البداية.

ويحمل هذا التّطوّر، بالنّسبة لقيادة الحركة، دلالة خاصّة باعتباره أوّل إعلان علني ومباشر عن ما تعتبره قطيعة سياسية مع الجزائر، حيث جرى التّأكيد خلال المراسم على اعتماد تسمية “الجمهورية الفدرالية للقبائل” كإطار مرجعي للمشروع السّياسي الذي تدافع عنه الحركة.

وقال فرحات مهني إنّ هذا الإعلان يأتي تتويجًا لِما وصفه بمسار نضالي طويل، يستند إلى مرجعيّات دولية من بينها مبدأ حق الشّعوب في تقرير المصير كما ورد في قرارات الأمم المتّحدة، معتبرًا أنّ الخطوة تمثّل بداية مسار “تدويل القضيّة”، رغم ما يحيط بها من تحدّيات سياسية وقانونية. وأكّد مهني، في هذا السّياق، أنّ الحركة ستواصل مساعيها من أجل نيل اعتراف دولي، في ظل توتّر مستمر مع السّلطات الجزائرية التي تصنّف الحركة تنظيمًا إرهابيًا منذ سنة 2021.

وكانت السّلطات الفرنسية قد أصدرت، في وقتٍ سابق، قرارًا إداريًا يقضي بمنع تنظيم التّجمّع في قصر المؤتمرات بفرساي، استنادًا إلى مبرّرات تتعلّق بالحفاظ على الأمن والنّظام العامّيْن، وفق قرار صادر عن محافظ إقليم إيفلين.

وبرّرت السّلطات هذا المنع بحساسية الطّابع السّياسي للحدث، وارتباطه بحركة تصنّفها الجزائر تنظيمًا انفصاليًا، إضافةً إلى التّخوّف من تداعيات أمنية محتملة قد ترافق تنظيم تجمّع من هذا النّوع.

ويأتي هذا الإعلان امتداداً لقرارات سابقة للحركة، حيث كانت قد صادقت، خلال مؤتمر عقد بباريس في 19 أكتوبر 2025، على إعلان استقلال منطقة القبائل بالإجماع، بحضور قيادة الحركة وممثّلي ما تطلق عليه “الحكومة القبائلية في المنفى”، إلى جانب هيئة تصفها بالبرلمان القبائلي.

وخلال المؤتمر ذاته، حدّدت الحركة تاريخ 14 دجنبر 2025 موعدًا للإعلان الرّسمي عن الاستقلال، معتبرةً أنّ هذا التّاريخ يحمل رمزيّة خاصّة، لارتباطه بمبادرات دولية سابقة تدعو إلى تكريس يوم عالمي لمناهضة الاستعمار.