في خطوةٍ تعكس توجّهًا حازمًا نحو ترشيد استعمال آليات البحث، دعت رئاسة النّيابة العامّة، جميع الأجهزة القضائيّة والأمنيّة بالمملكة، إلى التّقيّد الصّارم بالقواعد القانونيّة المرتبطة بإصدار وتحديث برقيّات البحث، نظراً لطبيعتها الاستثنائيّة وما تشكّله من تقييد مباشر لحريّة الأفراد.
الدّعوة جاءت في إطار دوريّة موجّهة من طرف هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النّقض ورئيس النّيابة العامّة، إلى كافّة الوكلاء العامّين ووكلاء الملك، شدّد فيها على ضرورة ضبط نشر هذه البرقيّات، وإلغاء المتقادمة منها أو تلك التي لم تعد مبرّرة قانونيًّا بسبب حفظ المسطرة أو الإحالة على القضاء.
وأوضحت الرّئاسة أنّ برقيّات البحث تُعتمد أساسًا لضبط الأشخاص المتابعين أو المحكوم عليهم في قضايا جنائيّة، وأنّ استمرار مفعولها دون مراجعة يشكّل إجراءً ماسًّا بحريّة الأفراد، ممّا يستدعي استعمالًا دقيقًا ومسوغًا لهذا الإجراء، في إطار من الشّرعيّة القانونيّة والضّرورة الإجرائيّة.
وقد أفضت هذه التّوجيهات إلى إلغاء 153,461 برقيّة خلال الفترة الممتدّة بين 2021 و2023، بينها أكثر من 42,000 برقيّة مرتبطة بحالات إكراه بدني لم تعد قائمة قانونيًّا، ما يعكس تفاعلًا إيجابيًا مع التّعليمات السّابقة في هذا السّياق، والتي أكّدت على ضرورة احترام المعايير القانونيّة والحقوق والحريّات الفرديّة المكفولة دستوريًّا.
وشدّدت رئاسة النّيابة العامّة على ضرورة الالتزام بما ورد في “الدّليل العملي بشأن تجويد الأبحاث الجنائيّة”، الذي تمّ إعداده بتنسيق مع كلٍّ من المديرية العامّة للأمن الوطني، مديرية مراقبة التّراب الوطني، وقيادة الدرك الملكي. ويتضمّن هذا الدّليل معايير دقيقة من بينها: توفّر وسائل الإثبات قبل نشر البرقيّة، التّحيين الدّوري للوائح المطلوبين، والإلغاء التّلقائي للبرقيّة فور مثول المعني أمام الجهات المختصّة أو الإحالة على القضاء.
وفي ختام الدّوريّة، اعتبرت رئاسة النّيابة العامّة أنّ تفعيل هذه الإجراءات يمثّل أولويّة وطنيّة لضمان احترام الحريّات، داعيةً جميع المتدخّلين إلى التّطبيق الصّارم والفوري، وموافاتها على مستوى المحاكم بنتائج التّحديث قبل نهاية أكتوبر 2025، مع التّأكيد على التّواصل الفوري مع الرّئاسة في حال مواجهة أي إكراهات بشأن التّطبيق.