كشف تقرير لشبكة دويتشه فيله الألمانية عن تحرّكات مكثّفة تقودها إدارة الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف التّوصّل إلى تسوية نهائية لنزاع الصّحراء، مشيرًا إلى فتح واشنطن قنوات تواصل موازية مع المغرب والجزائر لاستطلاع إمكانية التّوافق حول الحكم الذّاتي تحت السّيادة المغربيّة كحل “واقعي ودائم” لإنهاء أحد أقدم النّزاعات في شمال إفريقيا.

وأوضحت الشّبكة أنّ مبعوث ترامب الخاص للشّرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أجرى مباحثات مباشرة مع الطّرفيْن المغربي والجزائري، مؤكّدًا أنّ فريقه “يعمل حاليًا من أجل تحقيق السّلام خلال ستّين يومًا”، في إطار استثمار الزّخم الدّبلوماسي الذي أحدثه مشروع القرار الأممي الجديد حول الصّحراء، والذي يناقشه مجلس الأمن الدّولي اليوم.

وأشار التّقرير إلى أنّ النّقاش في مجلس الأمن يمتد إلى البعد الإقليمي، وخصوصًا الدّور الجزائري الذي يستمر في تقديم الدّعم اللّوجستي والعسكري والسّياسي لجبهة البوليساريو، رغم تصوير نفسه كطرف “محايد”، وهو ما يعكس التّناقض في موقفها على مدار عقود.

واستعرض التّقرير الخلفيّة التّاريخية للنّزاع منذ انسحاب إسبانيا عام 1976 وتنظيم المغرب للمسيرة الخضراء، مؤكّدًا محدودية خَيار الاستفتاء الذي تقدّمه البوليساريو مقارنةً بمقترح الحكم الذّاتي المغربي، الذي يحظى بدعم دولي متزايد ويضمن الاستقرار في المنطقة.

كما نقلت دويتشه فيله عن رئيس مكتب مؤسّسة كونراد أديناور بالرباط، شتيفن هوفنر، أنّ قرار مجلس الأمن المرتقب قد يمنح “زخمًا جديدًا للعمليّة السّياسية”، مشيرًا إلى الدّور القيادي للولايات المتّحدة في الدّفع بهذا المسار، وأنّ أغلب الدّول الأعضاء تدعم جديّة واستمرارية المقاربة المغربيّة، مقابل غموض الموقف الجزائري والبوليساريو.

ورغم محاولات البوليساريو تقديم نفسها بمبادرات حسن نيّة، يبقى مضمون رسائلها مؤشّرًا على استمرار الدّوران في حلقة مفرغة دون تقديم حلول عملية، في وقت تتراجع فيه المصداقية الدّولية للطّرح الانفصالي.

وأكّد التّقرير أنّ الجزائر تواجه حرجًا سياسيًا واضحًا، حيث لم تناقش بعد أي خطّة سلام إقليمية مع واشنطن، بينما المغرب يستثمر رؤية استراتيجية متماسكة عزّزت موقعه على الصّعيديْن الإقليمي والدّولي، بدءًا من اعتراف الولايات المتّحدة بسيادته على الصّحراء وصولًا إلى دعم دول أوروبية كبريطانيا وألمانيا لمبادرة الحكم الذّاتي المغربي.

وأوضحت دويتشه فيله أنّ موازين القوى السّياسية والميدانية تميل اليوم لصالح المغرب، وأنّ التّحرّكات الأمريكية قد تُسرّع الوصول إلى حل نهائي للنّزاع الذي طال أمده، فيما تواصل البوليساريو مواجهتها عزلة دولية متزايدة، والجزائر مواجهة تضارب مصالحها الدّاخلية والخارجية.