في خطوة دبلوماسيّة ذات وزن كبير، أعلنت الحكومة البريطانيّة رسميًّا دعمها لمقترح الحكم الذّاتي الذي يقدّمه المغرب في الصّحراء، مؤيّدة بذلك السّيادة المغربيّة على الإقليم. وقد جاء هذا الإعلان على لسان وزير الخارجيّة البريطاني ديفيد لامي، الذي أكّد التزام بلاده بالعمل على المستوى الثّنائي والإقليمي والدّولي انسجاماً مع هذا الموقف.

هذا الدّعم يعزّز موقع المغرب داخل مجلس الأمن، إذ تصبح المملكة المتّحدة ثالث دولة دائمة العضويّة تدعم علناً مقترح الحكم الذّاتي المغربي، بعد الولايات المتّحدة وفرنسا. وهو ما يفتح آفاقاً جديدة لإنهاء النّزاع الذي يمتد لأكثر من خمسين عاماً.

يركّز المغرب الآن على مجلس الأمن باعتباره الرّكيزة الأساسيّة لحل الملف، حيث يعمل على نقل النّقاش من “اللّجنة الرّابعة” للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، المختصّة بقضايا تصفية الإستعمار، إلى مجلس الأمن الذي يُسهّل تمرير قرارات حاسمة. ويشير مصدر دبلوماسي إلى أنّ المجلس قد يتبنّى قريباً مساراً جديداً يسمح بجمع أغلبيّة بسيطة داخل الجمعيّة العامّة لدعم سيادة المغرب على صحرائه، ما يعزّز فرص التّسوية السّياسيّة.

من جهة أخرى، لا تزال الجزائر، العضو غير الدّائم في مجلس الأمن حاليًّا، تحاول الدّفاع عن موقفها الرّافض لمقترح المغرب، لكن محاولاتها تبدو غير فعّالة بعد أن انسحبت من جلسة تصويت القرار رقم 2756 في أكتوبر 2024، عقب رفض تعديلات اقترحتها.

وتكتسب هذه التّطوّرات زخماً في ظل موقف الصّين التي امتنعت عن التّصويت لسِت سنوات متتالية، والولايات المتّحدة وفرنسا والمملكة المتّحدة التي دعمت المغرب صراحةً، فيما تواصل روسيا عادةً الإمتناع، متأثّرةَ بعلاقاتها الإستراتيجيّة مع الجزائر.

تأتي هذه الأحداث في وقت حسّاس تحاول فيه الرباط تسريع حسم النّزاع، مستندةَ إلى دعم متزايد من شركائها الدّوليّين، لا سيما بعد تأكيد واشنطن الإعتراف بسيادة المغرب على الصّحراء عام 2020، وعودة فرنسا للمشاركة الفعليّة في المنطقة عبر زيارات ومساعي دبلوماسيّة مكثّفة.

وفيما تعبّر المملكة المتّحدة عن استعدادها للعمل على إنجاح هذا المسار، فإنّ التّحدّي الأكبر يبقى موقف روسيا والدّول العشر غير الدّائمة العضويّة في مجلس الأمن، التي تلعب مواقفها دوراً محوريًّا في الحسم النّهائي.

في ظل هذه المعطيات، يبدو المغرب أكثر تفاؤلاً من أي وقتٍ مضى بحسم النّزاع خلال الأشهر المقبلة، في ظل دعم دولي متجدّد ومواقف دبلوماسيّة متماسكة، وصولاً إلى احتفال مشترك مع الجزائر بالذّكرى الخمسين للمسيرة الخضراء مع نهاية عام 2025، وطيًّا لصفحة هذا النّزاع الذي طال أمده.