يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أنّ الاتّفاق الجمركي الأخير بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة والاتّحاد الأوروبي يُشكّل بادرة انفراج في النّظام التّجاري العالمي، ويُعيد الأمل في استقرار الأسواق الدّوليّة بعد سنوات من التّوتّرات والتّقلّبات، ممّا يفتح آفاقًا جديدة أمام بلدان صاعدة مثل المغرب لتعزيز موقعها الاستثماري.
وفي تحليله لتداعيات هذا التّفاهم، أوضح جدري أنّ العالم يعيش اليوم في ظل “لا يقين اقتصادي دائم”، نتيجة تراكم الأزمات منذ تفشّي جائحة كوفيد-19، مرورًا بالحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة، وصولًا إلى التّوتّرات الإيرانيّة الإسرائيليّة، وهو ما تسبّب في موجات تضخّم، واضطرابات في سلاسل التّوريد، وتراجع ثقة المستثمرين.
وأشار إلى أنّ الاتّفاق الجمركي بين واشنطن وبروكسل، الذي ينص على فرض تعريفة موحّدة بنسبة 15% على غالبيّة صادرات الاتّحاد الأوروبي إلى السّوق الأمريكيّة، مع استثناء قطاعات حيويّة، يُمكن أن يُمهّد لمرحلة جديدة من التّهدئة التّجاريّة، تُجنّب العالم شبح حرب تجاريّة واسعة النّطاق.
ويرى الخبير أنّ المغرب يوجد في موقع مثالي للاستفادة من هذه التّحوّلات، بفضل سياسة تنويع الشّركاء التي ينهجها، وعلاقاته المتقدّمة مع كلٍّ من الاتّحاد الأوروبي والولايات المتّحدة، إلى جانب دوره المتنامي كمنصّة استثماريّة جاذبة تربط بين إفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللّاتينيّة.
كما أبرز أنّ المستثمرين الدّوليّين، وخصوصًا من الصين، قد يجدون في المملكة بوّابة استراتيجيّة نحو الأسواق الأمريكيّة، بالنّظر إلى اتّفاقيات التّبادل الحر التي تربط الرباط بواشنطن، ممّا يُعزّز فرص المغرب في جذب استثمارات صناعيّة وتكنولوجيّة كبرى.
وأكّد جدري أنّ هذه التّطوّرات تأتي في وقت يراهن فيه المغرب على تنفيذ رؤية تنمويّة تمتد إلى عام 2035، بهدف مضاعفة الاستثمارات الأجنبيّة وتحديث بنيته الاقتصاديّة، مشيرًا إلى أنّ استقرار المحيط التّجاري العالمي يُعد عاملًا أساسيًّا في إنجاح هذا المسار الطّموح.
ورغم الانتقادات الأوروبيّة التي طالت الاتّفاق الجمركي، إلّا أنّ العديد من الخبراء يعتبرونه حلاًّ مؤقّتًا فعّالًا يضمن توازنًا نسبيًّا، ويُجنّب ضفتيْ الأطلسي مزيدًا من الاضطراب، وهو ما يصب أيضًا في مصلحة دول مثل المغرب السّاعية إلى تعزيز اندماجها في الاقتصاد العالمي.