سلّط تقرير فرنسي، نشرته وكالة “فرانس بريس”، الضّوء على المزاج العام في مدينة العيون، أكبر حواضر الصّحراء المغربيّة، عقب اعتماد الأمم المتّحدة قرارًا يعتبر الحكم الذّاتي المغربي الخَيار الأكثر واقعيّة لإنهاء النّزاع المفتعل في الإقليم، الذي يمتد منذ نحو خمسة عقود.
واستند التّقرير إلى شهادات ميدانية خلال جولة في المدينة، مشيرًا إلى أنّ العيون اليوم مدينة تنبض بالحياة والحركيّة العمرانية والاجتماعية، حيث تعكس الشّوارع الفسيحة والأحياء المصبوغة بالألوان والمقاهي المزدحمة استقرارًا متجذّرًا منذ انتقال المنطقة إلى الإدارة المغربيّة عام 1976.
ونقل التّقرير عن شيوخ القبائل والسكّان المحليّين تأكيدهم أنّ المدينة تحوّلت من منطقة تعاني ضعف البنية التّحتيّة عقب الانسحاب الإسباني، إلى مركز حضري مكتمل بمؤسّساته الصحيّة والتّعليميّة والاقتصادية. كما اعتبر غالبيّة السكّان أنّ القرار الأممي يمثّل نقطة تحوّل نحو حل نهائي طال انتظاره، ويعزّز فرص التّنمية وجذب الاستثمارات الأجنبيّة، ويسهم في عودة آلاف العائلات الصّحراوية من مخيّمات تندوف.
وأشار التّقرير أيضًا إلى تفاؤل شبّان يديرون تعاونيّات مهنية بشأن آفاق اقتصادية أوسع تتيح مشاركة الجيل الجديد في القطاعات المحلية، من الصّيد البحري إلى الحرف التّقليدية، فيما أعربت فاعلات ثقافيات وصاحبات تعاونيّات نسائيّة عن أملهن في أن يوسّع الحكم الذّاتي الدّعم الموجّه للنّساء الصّحراويات في الصّناعات التّقليدية.
وفي المقابل، لم تُغفل “فرانس بريس” تسجيل بعض الأصوات الأكثر حذرًا، لاسيما من وافدين استقرّوا في العيون منذ سنوات، الذين يخشون أن تثير مرحلة ما بعد الحكم الذّاتي نقاشات جديدة حول توزيع المسؤوليات أو تعديل بعض الامتيازات الاقتصادية، إلاّ أنّ هذه المخاوف تبقى محدودة مقارنةً بالمواقف الإيجابية للسكّان المحليّين.
ويشير التّقرير إلى أنّ جبهة البوليساريو ما تزال متمسّكة بخَيار الاستفتاء، غير أنّ قرار مجلس الأمن الدّولي رقم 2797 الصّادر في 31 أكتوبر 2025 شكّل منعطفًا مهمًّا، إذ أقرّ أنّ منح الإقليم حكمًا ذاتيًّا فعليًّا تحت السّيادة المغربيّة يمثّل الخَيار الأكثر واقعيّة، داعيًا الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات على هذا الأساس، وجدّد دعم المبادرة المغربيّة التي عرضت على الأمم المتّحدة لأوّل مرّة سنة 2007.
وحصل القرار على دعم 11 عضوًا من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التّصويت، ولم تشارك الجزائر. كما مدّد المجلس ولاية بعثة الأمم المتّحدة في الصّحراء (مينورسو) عامًا إضافيًّا، ما يعكس تحوّلًا ملموسًا في توجّه المجتمع الدّولي من تنظيم استفتاء لتقرير المصير إلى تعزيز خَيار الحكم الذّاتي كحل عملي وتوافقي.







