في خطوة وُصفت بالتّحوّل النّوعي في مسار الاستثمارات الأجنبيّة بالمملكة، أعلنت شركة تسلا الأمريكيّة، الرّائدة في مجال السيّارات الكهربائيّة والطّاقة النّظيفة، عن تأسيس فرع رسمي لها بالمغرب تحت اسم “تسلا المغرب”، مُعلنةً دخولها المباشر إلى السّوق الوطني برؤية شموليّة تتجاوز بيع المركبات لتشمل البنية التّحتيّة للطّاقة والتّنقّل المستدام.

واختارت الشّركة العملاقة أن تتّخذ من برج كريستال الشّهير في مارينا الدار البيضاء مقرًّا لمكتبها الإقليمي، في موقع استراتيجي يعكس الطموحات التّوسّعيّة لـ”تسلا” بإفريقيا والضفّة الجنوبيّة للمتوسّط، برأسمال أوّلي بلغ 27.5 مليون درهم، وهيكلة قانونيّة كشركة ذات مسؤوليّة محدودة.

ولا تقتصر خطّة الفرع المغربي على تسويق السيّارات، بل تشمل أيضًا خدمات ما بعد البيع، والصّيانة، والتّعويض، إضافةً إلى تطوير بنية متكاملة لتوزيع الطّاقة، إذ حصلت تسلا المغرب على ترخيص رسمي لتصنيع واستغلال حلول الطّاقات المتجدّدة، بما في ذلك الألواح الشّمسيّة وأنظمة التّخزين، في ظل الدّعم السّياسي الوطني القوي لمشاريع الاقتصاد الأخضر.

ويُرتقب أن تشرَع الشّركة في إحداث شبكة واسعة لمحطّات الشّحن الكهربائي بمختلف مناطق المملكة، مع إمكانية الولوج إلى سوق بيع الكهرباء وخدمات الشّبكة الوطنيّة، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام شراكات مؤسّساتيّة، أبرزها مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصّالح للشّرب.

وتعكس هذه الخطوة، المدفوعة برؤية إيلون ماسك، تقاطعًا واضحًا مع التّوجّهات الاستراتيجيّة للمغرب، لا سيما في ما يتعلّق بالانتقال الطّاقي والتّنمية المستدامة، إذ سبق لـ “تسلا” أن تعاونت صناعيًّا مع وحدة STMicroelectronics بالمغرب في مجال أشباه الموصلات، ما يمهّد لروابط أعمق في مجال الابتكار التّكنولوجي.

ولضمان تسيير عالي المستوى، أسندت إدارة “تسلا المغرب” إلى خُبراء دوليّين، يتقدّمهم الإسباني رافاييل أركيزا مارتين والأمريكي شاهين أوليفر خورشيد بناه، في توجّه يُكرّس حرص الشّركة على إرساء معايير تدبير عالميّة في السّوق المغربي.

وتُجسّد هذه الخطوة قناعة ماسك بأنّ المغرب لم يعد مجرد سوق محتمل، بل شريك استراتيجي وركيزة محوريّة في مشروع تسلا الإفريقي الطّموح، وبوّابة نحو أسواق الجنوب، حيث يتقاطع الذّكاء الصّناعي مع الطّاقة المتجدّدة في خدمة نموذج تنموي جديد.