أدخلت المنظومة التّشريعية المؤطّرة للانتخابات مقتضيات قانونية جديدة ترمي إلى تشديد الرّقابة على استخدام وسائل تكنولوجيا الإعلام والتّواصل خلال الاستحقاقات الانتخابية، وذلك عبر تجريم إنتاج أو نشر أو تداول محتويات رقمية مزيّفة من شأنها المس بالأشخاص أو التّأثير على سلامة العملية الانتخابية.

ويهم هذا الإطار القانوني، المتعلّق بالمادّة 51 المكرّرة من القانون التّنظيمي رقم 27.11، الذي ينص على معاقبة كل من يعمد إلى نشر أقوال أو صور دون موافقة أصحابها، أو يروّج أخبارًا زائفة أو ادّعاءات غير صحيحة أو وثائق مختلقة، متى ثبت أنّ الغاية من ذلك هي المس بالحياة الخاصّة للنّاخبين أو المترشّحين، أو التّشهير بهم، أو تقويض الثّقة في نزاهة ومصداقية الانتخابات.

ويأتي هذا التّعديل في سياق يتّسم بتصاعد مظاهر التّضليل الرّقمي، مدفوعة بالتّطوّر المتسارع لتقنيات الذّكاء الاصطناعي، التي أضحت تتيح إنتاج محتويات عالية الدقّة يصعب تمييزها عن المواد الأصلية، وهو ما يثير مخاوف متزايدة بشأن تأثير هذه الممارسات على وعي النّاخبين وسلامة الاختيار الدّيمقراطي، وفق متابعين للشّأن القانوني والانتخابي.

وتندرج المادّة 51 المكرّرة ضمن توجّه تشريعي يهدف إلى تحصين المسار الانتخابي من ممارسات التّلاعب بالمعلومة والتّشهير، مع السّعي إلى الحفاظ على التّوازن اللّازم مع حريّة الرّأي والتّعبير المكفولة دستوريًا.

وفي هذا الإطار، ربط المشرّع تحقّق الجريمة بتوافر القصد الجنائي، أي ثبوت نيّة الإضرار بالأشخاص أو التّأثير غير المشروع في سير العملية الانتخابية، بما يحدّ من التّأويلات الواسعة التي قد تمس بالاستخدام المشروع لوسائل التّعبير أو النّقد السّياسي.

كما يسعى هذا المقتضى إلى معالجة فراغ قانوني أفرزته تجارب انتخابية سابقة، خاصّةً في ما يتعلّق بحماية الحياة الخاصّة وسمعة النّاخبين والمترشّحين من الاستعمال غير المشروع للصّور والأقوال في الفضاء الرّقمي، في ظل الانتشار الواسع لشبكات التّواصل الاجتماعي وسرعة تداول المحتوى عبرها.

وعلى المستوى الزّجري، نصّ التّعديل الجديد على عقوبات سالبة للحريّة تتراوح بين سنتيْن وخمس سنوات، إضافةً إلى غرامات مالية تتراوح ما بين 50 ألفًا و100 ألف درهم، وهي عقوبات اعتُبرت متناسبة مع خطورة الأفعال المعاقب عليها، وتهدف إلى تعزيز الرّدع وحماية نزاهة الاستحقاقات الانتخابية من ممارسات التّضليل الرّقمي.