دخلت المملكة المغربيّة وإسبانيا مرحلة تفاوضية جديدة تتعلّق بترسيم حدودهما البحريّة، في خطوة تُوصف بالاستراتيجيّة لما تحمله من أبعاد سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة. وأكّد وزير الشّؤون الخارجيّة والتّعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أنّ هذا المسار يندرج في إطار احترام القانون الدّولي وتجسيد روح الشّراكة بين البلديْن الجاريْن.
وخلال مشاركته في ندوة دوليّة مخصّصة لترسيم الحدود البحريّة، شدّد بوريطة على أنّ المغرب يولي أهميّة قصوى لهذا الملف بما يحفظ سيادته الوطنيّة ووحدته التّرابيّة، لاسيما في أقاليمه الجنوبيّة، مبرزًا أنّ المملكة تعتمد مقاربة تقوم على الشّفافية وحسن الجوار، بعيدًا عن أي حلول أحاديّة الجانب.
وذكّر الوزير بالإرث القانوني الذي أسّس له المؤتمر الثّالث للأمم المتّحدة حول قانون البحار، مشيرًا إلى أنّ المغرب سبق أن اتّخذ خطوات عمليّة في هذا الاتّجاه، من بينها توسيع جرفه القارّي إلى ما يتجاوز 200 ميل بحري، وإيداع بيانات أوّليّة لدى لجنة حدود الجرف القارّي بالأمم المتّحدة سنة 2017، قبل أن يعتمد سنة 2020 إطارًا قانونيًّا وطنيًّا رسّخ سيادته على مياهه الإقليميّة ومنطقته الاقتصاديّة الخالصة.
كما جدّد بوريطة التّأكيد على التزام المملكة الصّارم باتّفاقية الأمم المتّحدة لقانون البحار لسنة 1982، مبرزًا أنّ المغرب يرفض أي محاولة لفرض الأمر الواقع، ويؤمن بالحوار كخَيار أساسي لحل الخلافات، مع التّشديد على حقّه في الدّفاع عن مصالحه البحريّة ضد أي خروقات محتملة.
ويرى مراقبون أنّ فتح هذا الملف بين الرباط ومدريد يعكس متانة العلاقات الثّنائيّة التي دخلت مرحلة جديدة بعد تجاوز أزمات دبلوماسيّة سابقة، وهو ما يمنح المفاوضات زخمًا إضافيًّا قد يساهم في وضع أسس تعاون متقدّم يُعزّز الشّراكة الاستراتيجيّة بين البلديْن على المستويات كافّة.