في سياق تعزيز التّنسيق السّياسي والدّبلوماسي بين روسيا والمغرب، أعلنت وزارة الخارجيّة الروسية أنّ وزير الخارجيّة سيرغي لافروف سيجري مباحثات رسميّة مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، تتمحور حول قضايا ثنائيّة وإقليميّة ذات أولويّة، في مقدّمتها ملف الصّحراء المغربيّة، إلى جانب الوضع في الشّرق الأوسط ومنطقة السّاحل.
وأكّدت المتحدّثة باسم الخارجيّة الروسية، ماريا زاخاروفا، أنّ اللّقاء المرتقب يأتي في إطار حوار سياسي “منتظم وبنّاء” يجمع البلديْن، ويعكس حرص موسكو والرباط على توسيع التّعاون في مجالات متعدّدة، أبرزها الاقتصاد والدّبلوماسية، استناداً إلى علاقات ثنائيّة تعود إلى أكثر من ستّة عقود.
وأضافت زاخاروفا أنّ الجانبيْن سيستعرضان خلال اللّقاء آفاق تطوير العلاقات الثّنائيّة بشكل مرحلي، بالإضافة إلى تبادل وجهات النّظر حول الملفّات الإقليميّة والدّوليّة الرّاهنة، مع تركيز خاص على الأمن والاستقرار في منطقة شمال إفريقيا والسّاحل.
وتكتسي هذه المباحثات أهميّة خاصّة، في ضوء التّصريحات الأخيرة للوزير لافروف التي أشار فيها إلى تغيّر ملحوظ في الموقف الروسي بشأن قضيّة الصّحراء، حيث عبّر عن انفتاح موسكو على مقترح الحكم الذّاتي الذي يطرحه المغرب، مشدّداً على ضرورة أن يتم أي حل في إطار قرارات الأمم المتّحدة وبتوافق جميع الأطراف المعنيّة.
وقال لافروف إن مبادرة الحكم الذّاتي “تمثّل أحد مسارات تقرير المصير المنصوص عليها في قرارات الأمم المتّحدة”، مضيفاً أنّ موسكو تعتبر المقترح المغربي خَياراً قابلاً للنّقاش، طالما يحظى بقبول إقليمي ودولي، وتتم بلورته ضمن تسوية سياسية متوازنة.
وفيما يتعلّق بموقف القوى الدّوليّة، لفت لافروف إلى أنّ الولايات المتّحدة حسمت موقفها منذ سنوات بالاعتراف بسيادة المغرب على الصّحراء، بينما تواصل روسيا الالتزام بموقف يرتكز على الشّرعيّة الدّوليّة والتّوافق المتعدّد الأطراف.
ويأتي هذا الحراك الدّبلوماسي في مرحلة تشهد فيها السّاحة الإفريقيّة والدّوليّة تحوّلات كبرى، حيث تسعى روسيا إلى توطيد حضورها في القارّة وتعزيز شراكاتها مع دول ذات توجّهات مستقلّة، مثل المغرب، الذي ينتهج بدوره سياسة خارجيّة متوازنة ترتكز على تنويع التّحالفات والانفتاح على شركاء متعدّدين.
وتشير مخرجات التّنسيق بين موسكو والرباط إلى إدراك متبادل لأهميّة المغرب في معادلة الأمن الإقليمي، لا سيما في ظل تصاعد التّهديدات الأمنيّة والإنسانيّة في منطقة السّاحل، ممّا يمنح المحادثات المنتظرة بعداً استراتيجياً يتجاوز إطار العلاقات الثّنائيّة.
ومن المتوقّع أن تسهم هذه المباحثات في إرساء أسس جديدة لشراكة أكثر ديناميكية بين البلديْن، تشمل ملفّات متعدّدة من بينها الأمن الطّاقي، والتّعليم، والسّياحة، ومكافحة الإرهاب، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تنسيق دولي لمواجهة التّحدّيات الجيوسياسيّة المتصاعدة.