تتّجه الأنظار صوب بلجيكا، التي قد تصبح الدّولة الأوروبيّة الموالية، بعد فرنسا، في إعلان موقف رسمي داعم لمقترح الحكم الذّاتي تحت السّيادة المغربيّة في الصّحراء. هذا التّحوّل المرتقب لا يقتصر على العبارات الدّبلوماسيّة التّقليديّة التي تصف المبادرة بـ”الجديّة والمصداقيّة”، بل قد يتّخذ صيغة أكثر وضوحاً تعكس انخراط بروكسيل في دعم وحدة المملكة التّرابية.
مصادر برلمانيّة بلجيكيّة كشفت عن برمجة تصويت بخصوص الموقف من ملف الصّحراء قبل نهاية السّنة الجارية، بعدما كان مقرّراً في شتنبر الماضي، غير أنّ التّطوّرات المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة دفعت إلى تأجيله. هذه الأنباء زادت من قلق جبهة “البوليساريو“، التي ربطت الأمر بزيارة وفود حكوميّة وبرلمانيّة بلجيكيّة إلى المغرب، إضافةً إلى الضّغط المتنامي للجالية المغربيّة المقيمة هناك.
وفي السّياق ذاته، أورد موقع “أفريكا إنتليجنس” أنّ الرباط وبروكسيل يمهّدان لإعلان الموقف الجديد في أفق متم 2025، في ظل تقارب متزايد تُجسّده اتّفاقية ترحيل السّجناء الموقّعة حديثاً، والتي ستسمح بنقل المئات منهم إلى المغرب، في وقت تواجه فيه السّجون البلجيكيّة أزمة اكتظاظ خانقة.
هذا المسار لم يأتِ من فراغ، إذ سبق لوزير الخارجيّة البلجيكي بالنّيابة، برنارد كوانتان، أن صرّح من الرباط في يناير الماضي بأنّ بلاده تعتبر المبادرة المغربيّة “أساساً جيّداً” لإنهاء نزاع دام نصف قرن، قبل أن يُعيد تأكيد الموقف ذاته بصفته وزيراً للدّاخلية في يوليوز المنصرم خلال احتفالات عيد العرش.
مصدر دبلوماسي مغربي، أكّد أنّ الرباط تعمل على دفع شركائها الأوروبيّين إلى التّعبير عن مواقف أكثر وضوحاً وحسماً بشأن القضيّة، وهو ما تُرجم في إعلان البرتغال مؤخّراً موقفاً داعماً متقدّماً للمبادرة المغربيّة.
جدير بالذّكر أنّ بلجيكا كانت قد عبّرت رسميًّا، يوم 15 أبريل 2025، عن دعمها لمقترح الحكم الذّاتي خلال أشغال اللّجنة العليا المشتركة بين البلديْن، التي ترأسها كل من عزيز أخنوش وألكساندر دي كرو في الرباط، حيث وصفت المقترح بأنّه “مجهود جدّي وذو مصداقيّة وأساس للتّوصّل إلى حل واقعي ومتوافق عليه”.
بعدها بأسابيع قليلة، أعلن حزب الحركة الإصلاحيّة، أحد المكوّنات الرّئيسيّة في الحكومة الفيدراليّة البلجيكيّة، عن تقديم مقترح تشريعي للاعتراف بسيادة المغرب على الصّحراء. رئيس الحزب، جورج لويس بوشي، شدّد في بيان رسمي على أنّ هذا التّوجّه يندرج ضمن رؤية استراتيجيّة قائمة على التّعاون الأمني والقضائي، مشيراً إلى أنّ مبادرة الحكم الذّاتي تُمثّل “المسار الوحيد الواقعي والدّائم لتسوية النّزاع”، وهو ما لاحظه شخصيًّا خلال زياراته لمدينتيْ العيون والداخلة، حيث لمس واقع التّنمية والاستقرار تحت الإدارة المغربيّة.