تعيش العلاقات بين موريتانيا وجبهة البوليساريو الإنفصاليّة واحدة من أكثر مراحلها برودة، في ظل مؤشّرات متزايدة توحي بتحوّل جذري في موقف نواكشوط التّقليدي من النّزاع حول الصّحراء المغربيّة. مصادر إعلاميّة موريتانيّة تحدّثت عن “فتور غير مسبوق” يطبع علاقة البلد بالبوليساريو، وسط غياب أي حفاوة رسميّة أو تحرّك دبلوماسي تجاه قياداتها في الآونة الأخيرة.

هذا التّحوّل، الذي لم تعلن عنه السّلطات الموريتانيّة بشكلٍ صريحٍ بعد، يأتي عقب الزّيارة الهامّة التي قام بها الرّئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب ولقائه بالعاهل المغربي الملك محمد السادس، وهي زيارة وصفت بالمفصليّة، وأسفرت عن انطلاق دينامية تعاون جديدة شملت مجالات عدّة.

التّغيّر في موقف موريتانيا، وفق مراقبين، يتزامن مع تراجع لافت في وضعيّة البوليساريو، داخليًّا وخارجيًّا. فالجبهة تعاني من تآكل نفوذها على الأرض، ومن عزلة دوليّة متزايدة، خاصّةً بعد قرارات دوليّة وازنة، على رأسها اعتراف واشنطن ومواقف مدريد وباريس الدّاعمة للمبادرة المغربيّة. كما طالت الجبهة انتقادات حادّة من مراكز بحثيّة غربيّة، صنّفت بعض أنشطتها ضمن “التّهديدات ذات الطّابع الإرهابي”، على خلفيّة تورّط عناصر منها في شبكات تهريب السّلاح بمنطقة السّاحل.

ويرى متابعون أنّ نواكشوط باتت اليوم أمام لحظة مفصليّة، تقتضي منها تجاوز الحياد التّقليدي، واتّخاذ موقف واضح ينسجم مع متغيّرات الجغرافيا السّياسيّة والمصالح الإستراتيجيّة. فمع تزايد التّهديدات الأمنيّة العابرة للحدود، يصعب على موريتانيا، وفق ذات المصادر، الإستمرار في سياسة “مسك العصا من الوسط”.

ويبقى السّؤال مفتوحًا: هل حسمت موريتانيا أمرها، وقرّرت إعادة تموقعها الإقليمي بشكل صريح؟ أم أنّ لعبة التّوازن ستظل سيّدة الموقف في ظل الغموض الذي يكتنف مواقفها الرّسميّة؟