في خطوة تحمل مؤشّرات على تحوّل جديد في المقاربة الأمريكيّة تجاه منطقة شمال إفريقيا، يعتزم مسعد بولس، المستشار الخاص للرّئيس الأمريكي دونالد ترامب، القيام بجولة دبلوماسيّة تشمل المغرب والجزائر، وذلك بهدف إعطاء دفعة جديدة لملف الصّحراء، أحد أعقد النّزاعات الإقليميّة في القارّة الإفريقيّة.
وكشفت مجلة “جيوبوليتيكال ديسك”، المتخصّصة في الشّؤون الجيوسياسيّة، عن هذه الزّيارة المرتقبة، نقلاً عن مصادر دبلوماسيّة مطّلعة، مشيرةً إلى أنّ تحرّك بولس يندرج ضمن توجّه أمريكي لاستعادة زمام المبادرة في المنطقة، في إطار ما وصفته المجلّة بـ”إستراتيجيّة التّجارة بدل المساعدات”.
ويأتي هذا الحراك بعد نجاحات نسبيّة حقّقها بولس في ملفّات دبلوماسيّة بأفريقيا الوسطى، أبرزها في الكونغو الديمقراطية ورواندا، حيث ساعدت وساطاته في تليين مواقف الأطراف المتنازعة. غير أنّ التّحدّيات المقبلة، وضمنها الأزمة اللّيبيّة وتعقيدات المشهد السوداني، تُنذر بمهمّة دبلوماسيّة أكثر تعقيداً، خاصّةً في ظل استمرار حالة الجمود في نزاع الصّحراء.
ووفق تصريحات سابقة لبولس أدلى بها لقناة “العربية”، فإنّ هدف الزّيارة يتمثّل في الدّفع نحو حل متوافق عليه، في ظل استمرار حالة الاستعصاء التي عمّرت قرابة نصف قرن. وشدّد المسؤول الأمريكي على أنّ هذا الملف يظل ضمن أولويّات واشنطن، مشيراً إلى أنّ وزير الخارجيّة الأمريكي الحالي ماركو روبيو، أكّد بدوره خلال لقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، ضرورة الإسراع في إيجاد مخرج سياسي توافقي.
وكان الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في نهاية ولايته، السّابقة، اعتراف بلاده بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبيّة، إلّا أنّ تغيير الإدارة حينها أوقف مسار التّسوية الذي كان يُعوّل عليه. وبالرّغم من ذلك، أعرب بولس عن أمله في إحياء المساعي مجدّدًا، عبر حوار منفتح مع الطّرفيْن المغربي والجزائري.
وفي هذا السّياق، شدّد بولس على أنّ بلاده تعتبر المغرب والجزائر شريكيْن إستراتيجيّيْن، معرباً عن رغبة بلاده في تعزيز التّعاون مع كليْهما، ومؤكّداً على أهميّة إدراج الوضع الإنساني للّاجئين الصّحراويّين ضمن أي حل دائم وشامل للنّزاع.
ويرى مراقبون أنّ تحرّك بولس قد يشكّل انطلاقة جديدة لوساطة أمريكيّة ميدانيّة، في حال توفّرت الإرادة السّياسيّة لدى الأطراف المعنيّة، وتوفّر دعم دولي أكبر لمبادرة الحكم الذّاتي التي تقترحها الرباط، والتي باتت تحظى باعتراف متزايد في الأوساط الأمميّة والدّوليّة.