في خطوة اعتبرها الرّئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، ترسيخًا للإنتماء الوطني وتعزيز الاقتصاد الدّاخلي، وجّه هذا الأخير دعوة صريحة إلى أعضاء حكومته وكبار المسؤولين لقضاء عطلتهم الصّيفيّة داخل موريتانيا، واصفًا سفرهم وأسَرهم إلى الخارج خلال العطل بأنّه سلوك “غير مناسب” يعطي صورة سلبيّة عن البلاد.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، شدّد الغزواني على أنّ تكرار هذا النّمط من السّلوك يبعث برسائل خاطئة، توحي بأنّ موريتانيا لا تملك ما يستحق الزّيارة أو الاكتشاف، داعيًا المسؤولين إلى أن يكونوا قدوة عبر تمضية العطلة بين مواطنيهم وفي مناطقهم الأصليّة.
هذه الرّسالة جاءت بالتّزامن مع موجة انتقادات حيال ما اعتُبر مظاهر ترف وتملّك عقارات في الخارج من قبل بعض المسؤولين، حيث أشار الصّحفي الموريتاني الخليل ولد أجدود إلى تنامي ظاهرة شراء شقق فاخرة في جزر الكناري ومدن مغربيّة من قِبل فئة تستفيد من “طفرة ماليّة مشبوهة”.
كما استُحضرت في هذا السّياق دعوة مشابهة أطلقها الرّئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع خلال تسعينيات القرن الماضي، حين حثّ المسؤولين على قضاء العطلة داخل البلاد، وهو ما لقي حينها استجابةً واسعة عكست مدى هيبته داخل الدّولة.
في الإطار ذاته، أعلن رئيس الاتّحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيّين، محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد، دعم القطاع الخاص لهذه الدّعوة، مؤكّدًا أنّ من شأنها تنشيط الدّورة الاقتصاديّة الدّاخليّة، وتفعيل الإمكانات السّياحيّة الوطنيّة، ومطالبًا باستثمارات نوعيّة لتحسين جودة البنية التّحتيّة السّياحيّة والخدماتيّة.
ويأتي هذا النّقاش في ظل تراجع واضح في أعداد السّياح الأجانب نحو موريتانيا، إذ لا يُتوقّع أن تتجاوز 5 آلاف سائح هذا العام، مقارنةً بـ20 ألفًا قبل جائحة كوفيد-19، ويُرجِع المختصّون ذلك إلى ضعف البنية التّحتيّة، إلى جانب آثار الوضع الأمني الذي شهدته البلاد في العقديْن الماضييْن.
ومع كلّ ذلك، يبقى الدّاخل الموريتاني وجهة تقليديّة وسياحيّة مفضّلة لدى الموريتانيّين خلال فصل الخريف، حيث تنتشر الخيام في السّهول وتتجدّد صلة الإنسان بأرضه وجذوره، في مشهد يعكس عمق الثّقافة البدويّة الموريتانيّة.