صادق مجلس النواب، اليوم الثّلاثاء، في إطار قراءة ثانية، على مشروع القانون رقم 03.23 المتعلّق بتغيير وتتميم أحكام قانون المسطرة الجنائيّة، في خطوة تشريعيّة حاسمة تعكس توجّهًا رسميًّا نحو تعزيز ضمانات العدالة ومواكبة التّحوّلات الحقوقيّة والقضائيّة الرّاهنة. وجاءت المصادقة بأغلبيّة 47 نائبًا، مقابل معارضة 15، دون تسجيل أي امتناع.
وزارة العدل اعتبرت هذه المصادقة النّهائيّة تتويجًا لمسار تشاركي مؤسّساتي ومجتمعي، انخرطت فيه مختلف الأطراف، من السّلطتيْن التّنفيذيّة والتّشريعيّة، إلى مكوّنات المجتمع المدني والهيئات المهنيّة والحقوقيّة، مشيرةً إلى أنّ هذا التّعديل يمثّل لبنة مركزيّة في مسار تحديث المنظومة القانونيّة الجنائيّة، وتحقيق توازن أدق بين مقتضيات التّحقيق الجنائي وضمانات المحاكمة العادلة.
القانون المعدّل يُدشّن لجيل جديد من التّدابير الإجرائيّة، من أبرزها التّوسيع المدروس لبدائل الاعتقال الاحتياطي، وتعزيز آليات الرّقابة القضائيّة، مع إقرار مزيدٍ من الحماية القانونيّة للضّحايا والشّهود، إضافةً إلى إدماج الوسائل التّكنولوجيّة الحديثة في كافّة مراحل المسطرة، ما يُسهم في الرّفع من نجاعة العدالة وجودتها.
وفي تعليقه على اعتماد القانون، أكّد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أنّ المصادقة تُجسّد التزام الدّولة الرّاسخ بمواصلة إصلاح العدالة وفق رؤية متكاملة قائمة على الحقوق، ترمي إلى ترسيخ الثّقة في المؤسّسة القضائيّة وتحقيق التّوازن الضّروري بين متطلّبات التّصدّي للجريمة وحماية الحقوق الفرديّة وصون الكرامة الإنسانيّة. وأضاف أنّ هذا النّص يندرج ضمن تصوّر شمولي يشمل مشاريع أخرى مكمّلة، على رأسها القانون الجنائي والعقوبات البديلة، مع التّأكيد على مواكبة هذا الورش الكبير ببرامج تكوينيّة وتدابير تنظيميّة تضمن حسن التّطبيق وتوحيد الممارسة داخل المحاكم.
الوزارة نوّهت بدور مختلف الفاعلين الذين ساهموا في صياغة وإغناء هذا القانون، ودعت إلى الحفاظ على روح التّعبئة والتّعاون لإنجاح ورش التّنزيل على أرض الواقع، معتبرةً أنّ هذا التّحوّل التّشريعي يشكّل محطّة مفصليّة في بناء عدالة أكثر إنصافًا ونجاعة.