يُرتقب أن يتراّس الملك محمد السادس، قريبًا، مجلسًا وزاريًّا سيخصّص لمناقشة واعتماد التّوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية لسنة 2026، في سياق اجتماعي واقتصادي متغيّر يفرض إعادة ترتيب أولويّات السّياسات العمومية.
ووفق معطيات حصلت عليها وسائل إعلام محليّة، من مصادر حكوميّة، فإنّ الاجتماع سيشهد مراجعة شاملة لهندسة الإنفاق العمومي، مع توجيه تركيز خاص نحو قطاعيْ الصحّة والتّعليم، في إطار مقاربة تستهدف تعزيز العدالة الاجتماعية وتضييق الفجوات المجالية.
ويأتي هذا التّوجّه في ظل تصاعد المطالب بإصلاح عميق للقطاعيْن الحيويّيْن، بعد سلسلة من التّحرّكات الاحتجاجية التي قادها شباب “جيل زد“، والتي رفعت شعارات تطالب بتحسين جودة الخدمات وتكافؤ الفرص في الولوج إليها، لا سيما في المناطق النّائية والمهمّشة.
ومن المنتظر أن يتضمّن مشروع قانون المالية المقبل تدابير عمليّة لزيادة الاستثمارات الموجّهة للبنيات التّحتيّة الصّحيّة والتّعليميّة، تشمل تطوير المستشفيات المحليّة والمدارس العمومية، ما من شأنه تقريب الخدمات الأساسيّة من المواطنات والمواطنين في المناطق ذات الولوج المحدود.
وفي هذا السّياق، كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، في تصريح لوكالة “رويترز”، أنّ الحكومة تعمل على إعادة توجيه الميزانية نحو الأولويّات الاجتماعية، لاسيما التّعليم والصحّة، مع تخصيص اِعتمادات إضافية لتقليص التّفاوتات الجهوية وتحسين الاستجابة لمتطلّبات المواطنين.
الوزيرة أكّدت أنّ الحكومة تنفق حاليًا أقل من 9% من النّاتج الدّاخلي الخام على هذيْن القطاعيْن، مبرزةً أنّ المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز التّواصل مع المواطنين بخصوص ما يتم إنجازه فعليًّا على الأرض، إضافةً إلى اتّخاذ إجراءات سريعة ذات أثر مباشر، في انتظار استكمال الإصلاحات الكبرى.
كما يُنتظر أن يشمل المشروع المالي تدابير داعمة للمبادرة الملكيّة الرّامية إلى تقليص الفوارق المجالية، مع منح أولويّة خاصّة للمناطق الجبليّة والواحات التي تعاني من ضعف في الخدمات الأساسية.
ويرى مراقبون أنّ مضامين قانون مالية 2026 تعكس استمراريةً في التّوجيهات الملكيّة التي دعت إلى تمركز المواطن في قلب السّياسات العمومية، من خلال النّهوض بالمدرسة العمومية والمستشفى العمومي كركيزتيْن رئيسيتيْن لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ومن المتوقّع أن يتم عرض الخطوط العريضة للمشروع خلال المجلس الوزاري المرتقب، قبل إحالته إلى البرلمان، حيث سيخضع لنقاش تفصيلي في ظل ترقّب شعبي واسع للمضامين والإجراءات المنتظرة.