في مشهد سياسي يعيد ترتيب موازين القيادة داخل الحزب الحاكم، أعلن المجلس الوطني لحزب الإنصاف انتخاب محمد ولد بلال رئيسًا جديدًا للحزب، في خطوة تأتي ضمن عملية إعادة هيكلة واسعة داخل التنظيم السياسي الأكبر في البلاد.
مؤتمر استثنائي يعيد تشكيل القيادة
وبحسب مصادر إعلامية موريتانية فإن المؤتمر الاستثنائي الذي أعقب اجتماع المجلس الوطني للحزب لم يكن مجرد إجراء بروتوكولي، بل جزء من عملية إعادة هيكلة واسعة. فقد سبق للتنظيم السياسي أن مدّد صلاحية هيئاته، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها تمهيد لإعادة ترتيب البيت الداخلي قبل الدخول في مرحلة سياسية جديدة.
هذا السياق التنظيمي يضع انتخاب ولد بلال حسب ما أورده موقع مدار موريتانيا الإخباري في إطار أوسع، حيث يبدو أن الحزب يسعى إلى تعزيز الانسجام الداخلي وتثبيت قيادة قادرة على إدارة المرحلة المقبلة، خصوصًا مع تزايد التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
ولد بلال… مسار سياسي يعود إلى الواجهة
ومن جانب قدم موقع كادر الإخباري الموريتاني قراءة موسّعة لمسار ولد بلال، مبرزًا خبرته الطويلة في الإدارة العمومية، من إدارة مشاريع التنمية إلى توليه منصب الوزير الأول بين 2020 و2024. هذا التركيز على سيرته المهنية يعكس رهان الحزب على شخصية ذات خبرة تنفيذية وقدرة على التعامل مع الملفات المعقدة، خصوصًا في ظل حاجة الحزب إلى قيادة تجمع بين الانضباط التنظيمي والخبرة الحكومية. عودة ولد بلال إلى الواجهة السياسية عبر رئاسة الحزب تعطي إشارة واضحة إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب شخصية قادرة على إدارة التوازنات داخل الحزب، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الانسجام مع التوجهات العامة للدولة.
التزام بخط الغزواني واستمرارية النهج
وسبق لولد بلال تعهده بـ”مواصلة السياسة التنموية لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني”، مع تأكيده العمل على تعزيز البناء التنظيمي للحزب. هذا الخطاب يعكس حسب مراقبين انسجامًا واضحًا مع التوجهات الرسمية، ويؤشر إلى أن القيادة الجديدة تتحرك ضمن إطار استمرارية سياسية، لا ضمن مسار تغيير جذري. كما يعكس هذا التوجه رغبة الحزب في الحفاظ على وحدة خطابه الداخلي، وتقديم صورة متماسكة أمام الرأي العام، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب تنسيقًا وثيقًا بين الحكومة والحزب الحاكم.
صدى مغاربي… الإنصاف في معادلة إقليمية متحركة
وعلى المستوى المغاربي، يبرز حزب الإنصاف — من خلال مواقفه المعلنة في السنوات الأخيرة — كفاعل سياسي موريتاني يميل إلى البراغماتية الإقليمية أكثر من الاصطفاف. فقد عبّر الحزب، في بيانات سابقة مرتبطة بملفات الساحل والتعاون الاقتصادي، عن أهمية تعزيز الاستقرار الإقليمي وضرورة تقوية التنسيق بين دول المغرب العربي في مواجهة التحديات المشتركة، خصوصًا ما يتعلق بالأمن الحدودي والتنمية العابرة للحدود.
هذا الخطاب، الذي ينسجم مع توجهات الدولة الموريتانية، يمنح الحزب موقعًا يسمح له بالتحرك في منطقة تعرف تحولات سياسية متسارعة. ومستقبلاً، يبدو أن الحزب مرشّح للعب دور أكثر وضوحًا في صياغة المواقف الموريتانية داخل الفضاء المغاربي، سواء عبر دعم مقاربات التهدئة بين العواصم، أو من خلال الدفع نحو شراكات اقتصادية جديدة، خاصة في ظل حاجة المنطقة إلى مشاريع تكاملية تعيد إحياء الروابط المغاربية.
ومع انتخاب محمد ولد بلال، صاحب الخلفية التنفيذية، قد يتجه الحزب إلى تعزيز حضوره في الملفات الإقليمية، مستفيدًا من موقع موريتانيا كجسر بين المغرب العربي ومنطقة الساحل، وهو ما يمنحه هامشًا مهمًا للتأثير في ملامح المرحلة المقبلة، خصوصا في ظل حالة الدفئ في العلاقات بين الموازية بين الرباط ونواكشوط، التي ستمنح ولد بلال لاشك رصيدًا سياسيًا إضافيا يمكن أن ينعكس على موقع حزب الإنصاف داخل الفضاء المغاربي، في مرحلة تتطلب توازنًا دقيقًا بين المصالح الإقليمية وتحديات الساحل.








